هوامش – بقلم ميرفت سيوفي – الحرب.. أهون الشّرور

82

يقول المثل الفارسيّ: “رويْداً رويْداً يتحوّل الصّوف إلى سجّادة”، صار اللبنانيون “فارشين وضابّين السجّاد” لسنوات ولم تنتهِ إيران بعد من حياكة سجادة صورة الرئيس اللبناني، منذ العام 2005 حتى اليوم مرّت علينا أعوام من التعطيل والخراب والدّمار والانهيار والمنظومة لا تزال تعطّل انتخاب رئيس للبلاد ما لم تنجح في فرض الرئيس الذي تريده، وللأسف لا يزال الشّعب اللبناني يتصرّف على أنّه “روبوت” بلغ درجة حدّ السّلوك الإنتحاري المجنون!

الآن ليتفضّل جميع الفرقاء ويقولوا للبنانيّين، ما العمل؟! كلّهم يعرفون أن لا شيء بمقدورهم فعله فنحن أمام خيار واحد مستحيل هو باختصار الخضوع وبشكلٍ كامل ونهائيّ لحزب الله وسلاحه الذي سيتولّى ليس فقط تعيين رئيس الجمهوريّة بل تعيين كلّ المسؤولين والوزراء والمدراء في “دولة حزب الله”، فكلّ الاحتمالات -إن حدثت معجزة ما وقامت- من رضى الفاتيكان عن اسم الرئيس أو الاتفاق المسيحي العام على شخص هذا الرّئيس ولا موافقة الدول العربيّة ولا الدول الكبرى على هذا الرّئيس -أيّ رئيس- ستغيّر حرفاً في الواقع اللبناني، “هسّ.. ولا نفس”، لا رئيس إلا من يقوم حزب الله بتعيينه رئيساً لأنّ الحزب يمسك بالرّئاسات الثلاث وعمليّات الانتخاب هذه ليست إلّا مجرّد تخريج صوري موقّت إلى حين اقتدار حزب الله على  تغيير الأسلوب والطريقة!

نحن في حال متأخرّة جدّاً على إيجاد حلّ وسير الأمور في مسار إنتخابي طبيعي، بل أكثر من ذلك لقد بلغنا مرحلة “فوات الأوان” هناك من عمل على تغيير وجه لبنان واستبدال هويّته بحال عنوانها الخضوع لمشيئة السّلاح، كلّ ما سبق قد يبدو أنّه يحدث منذ العام 2005 ولكن في الحقيقة هذا نهج عُمِلَ عليه بتؤدة شديدة منذ العام 1984 وقد كان سعياً دؤوباً وصبوراً من إيران تراكم على مدى أربعة عقود من الزّمن للوصول إلى هذه المرحلة، والآن هلّا يتفضّل جميع الفرقاء ليقولوا لنا ما العمل؟! ما الذي بالإمكان فعله في مواجهة من يريد أن يفرض عليك معادلة تدّعي “أنّه “يقبل للثّنائي المسيحي أن يفرض رئيس بلديّة في بشرّي أو في البترون، أمّا رئاسة الجمهوريّة فهذا إستحقاق وطني وليس طائفيا”!!

الجميع بات يعرف أنّنا أمام معادلة تتكرّر للمرّة الرّابعة منذ فرض الاحتلال السوري العماد إميل لحّود رئيساً والتمديد له نصف ولاية على وقع الانفجارات والاغتيالات ثمّ بالعماد ميشال سليمان رئيساً على وقع 7 أيار 2008 ثمّ بالعماد ميشال عون رئيساً بعد عامين ونصف من التعطيل حتى صار الترهيب عند مفترق كلّ رئاسة، معادلة فجّة مفروضة بقوّة السّلاح وإمّا فراغٍ طويل جدّاً، وفي كلا الحالتين اللبنانيّون يعرفون أنّهم عالقون بين خياريْن لا ثالث لهما إمّا الاستسلام نهائيّاً لمشيئة حزب الله وإلحاق لبنان بإيران، وإمّا حرب أهليّة جديدة لا تُبقي ولا تذر، والخيار الأول أسوأ بكثير من الخيار الثاني، الحرب هنا قد تكون أهون الشّرور في منطقة تحتضر وتلفظ أنفاس سايكس ـ بيكو الأخيرة!

 

ميرڤت سيوفي

m _ syoufi@hotmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.