نتنياهو يواجه “أزماته” بالحرب على غزّة

10

أحمد الصادق – رام الله

«أساس ميديا»

استأنفت اسرائيل حرب الابادة على غزة ورفعت اعداد الضحايا الفلسطينيين الى ما يتجاوز ال 350 ضحية من المدنيين العزل في يوم واحد، في الوقت الذي تعيش منذ مساء 13 اذار / مارس على وقع أزمة انفجرت بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وجهاز الأمن العامّ “الشاباك”، في خطوة يريد نتنياهو توظيفها نحو هدفه المتمثّل بإقالة رئيس الجهاز رونين بار، وتعيين بديل عنه يكون موالياً له.

بدت الأزمة متوقّعة، نظراً للاتّهامات المتبادلة، خاصّة بعد نشر “الشاباك” تحقيقه بشأن الإخفاقات التي أدّت إلى هجوم 7 أكتوبر من دون عرضه على نتنياهو. وقد أشار التحقيق إلى أنّ “سياسة التسوية” التي تبنّتها الحكومة، بما في ذلك السماح بتدفّق “الأموال القطريّة” إلى غزّة، كانت جزءاً من النهج الذي ساهم في تعاظم القوّة العسكرية لحركة “حماس”.

انفجرت الأزمة بين نتنياهو و”الشاباك” بعد مقابلة أجراها الرئيس السابق للجهاز نداف أرغمان مع القناة 12 الإسرائيلية هدّد فيها بـ”أنّه سيكون مضطرّاً إلى كشف أسرار يعرفها عن بنيامين نتنياهو، حال تجاوز الخطوط الحمر بالقضاء على الديمقراطية الإسرائيلية”.

أضاف أرغمان: “يرغب نتنياهو في تعيين رئيس شاباك موالٍ له، واستغلال قوّة الجهاز الهائلة لأهداف سياسية وتحويله لألعوبة بيده، ولا يمكن للحكومة التي فشلت في 7 أكتوبر تعيين رئيس جديد لـ”الشاباك” في هذه المرحلة، بل يجب تعيينه بعد إسقاط هذه الحكومة”، معرباً عن مخاوفه من أن تكون نهاية إسرائيل عبر التفكّك الداخلي وليس العدوّ الخارجي.

اتّهام خطير

تهديدات أرغمان تلقّفها نتنياهو ليشنّ هجوماً على جهاز “الشاباك”، قائلاً إنّه يتعرّض لما وصفه بحملة كاملة من الابتزاز والتهديد من قِبل رئيسَيْ جهاز “الشاباك” السابق نداف أرغمان والحالي رونين بار، مشيراً إلى أنّه “لم يحدث قطّ في تاريخ إسرائيل، وفي تاريخ الديمقراطيات، أن يُنفّذ رئيس سابق لمنظمة سرّية (الشاباك) تهديدات ابتزازيّة مباشرة ضدّ رئيس حكومة، أثناء تولّيه مهامّ منصبه”.

أضاف نتنياهو أنّ “الهدف الوحيد هو محاولة منعي من اتّخاذ القرارات اللازمة لإعادة بناء جهاز الشاباك، بعد فشله المدمِّر في السابع من أكتوبر”، فردّ عليه الجهاز لاحقاً في بيان رسمي قائلاً: “هذا اتّهام خطير ضدّ رئيس مؤسّسة رسميّة في إسرائيل”، مضيفاً أنّ “رئيس الجهاز رونين بار يُكرّس جلّ وقته للمسائل الأمنيّة، وجهود استعادة المحتجَزين، والدفاع عن الديمقراطية”.

انعكست الاتّهامات بين نتنياهو و”الشاباك” على مواقف الأحزاب الإسرائيلية، فسارع وزير الأمن القومي السابق إيتامار بن غفير للترحيب بتصريحات نتنياهو قائلاً: “رئيس الحكومة على حقّ. لا يمكن لرونين بار البقاء في منصبه لدقيقة أخرى. تجب إقالته”. بينما قال رئيس كتلة “المعسكر الوطني” بيني غانتس إنّ “الإضرار بأجهزة أمن الدولة لتحقيق مصالح سياسية هو محاولة ضدّ أمن الدولة، وهذا ما يفعله رئيس الحكومة في وقت نواجه تحدّيات هائلة”.

ستتدحرج هذه الأزمة خلال الأيّام المقبلة، ومن المرجّح أن تسفر عن إقالة بار من رئاسة الجهاز، لكنّها ستبقى واحدة من عدّة أزمات ستنفجر في وجه نتنياهو في شهر آذار، تتعلّق جميعها برغبته في تحصين نفسه، وتشديد قبضته على مقاليد الحكم، والسيطرة على المؤسّسات والأجهزة المختلفة، لتبقى الأزمة الأكثر حدّة التي تنتظر حكومة نتنياهو تتعلّق بتوجّهه لتنحية المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، التي من المقرّر أن تصوّت الحكومة خلال اجتماعها في 23 آذار على نزع ثقتها منها، وهو ما يشكّل المرحلة الأولى لإقالتها.

اتّهم وزير القضاء ياريف ليفين، المقرّب من نتنياهو والذي يقود الإطاحة، المستشارة بتحويل منصبها “إلى سلطة سياسية استبدادية، تتصرّف بعنف وقمع….. تعمل ذراعاً تنفيذية لمعارضي الحكومة”.

زلزال سياسيّ وتاريخيّ

كالعادة أشعل توجّه الحكومة لإقالة ميارا الاتّهامات بين أقطاب الحكومة والمعارضة، إذ قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إنّ “عزلها خطوة صحيحة جدّاً، ومهمّة جدّاً، وضرورية جدّاً”، وكذلك فعل بن غفير، بينما هاجم زعيم المعارضة يائير لابيد قرار ليفين، معتبراً أنّه “قرّر تفكيك المجتمع الإسرائيلي في وقت الحرب”، واصفاً إقالة المستشارة القضائية بأنّها “إجرامية وعنيفة وغير دستورية”، مشدّداً على أنّ المعارضة “ستفعل كلّ ما يلزم لإفشالها”.

على الرغم من أنّ طريقاً طويلاً من الإجراءات على الحكومة قطعها لإقالة ميارا، يؤكّد الخبراء أنّ الحكومة ربّما تكون غير قادرة على ذلك، إذ قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إنّ “إسرائيل تواجه واحدة من أشدّ الأزمات الحكومية والقانونية في تاريخها”، معتبرة محاولة إقالة المستشارة القانونية “زلزالاً سياسياً وتاريخياً”، مشيرة إلى أنّ “نتنياهو وليفين على وشك أن يكتشفا أنّ إقالة ميارا خطوة شبه مستحيلة”.

سترافق خطوة الحكومة الكثير من التحدّيات والاحتجاجات التي بدأت تظهر للتوّ. فقد حذّر رؤساء الجامعات في إسرائيل (8 جامعات) من أنّ إقالة المستشارة القضائية ستمثّل “خطراً غير مسبوق على حكم القانون”، متوعّدين باتّخاذ خطوات احتجاجية في حال تنفيذ القرار، من بينها الإضراب والمشاركة في التظاهرات والدعوة إليها، وهو ما أثار غضب وزراء الحكومة الذين هاجموا المؤسّسة الأكاديمية الإسرائيلية والجامعات.

لا تزال قضيّة الأسرى لدى حركة “حماس” في غزة، والضغوط الأميركية لتمديد صفقة تبادل الأسرى، تلقي بظلالها على الإسرائيليين، خاصّة في ظلّ رفض نتنياهو التوجّه للمرحلة الثانية من الصفقة، واستمرار تظاهرات عائلات الأسرى، وتمسّك الفصائل الفلسطينية بهذا الشرط، ورفض محاولات الالتفاف على ما جرى الاتّفاق عليه.

ارتفعت الأصوات المؤيّدة في الشارع الإسرائيلي لإبرام صفقة شاملة مع “حماس”. فقد أظهر استطلاع لصحيفة “معاريف” نُشر الجمعة 14 آذار أنّ 54% من الإسرائيليين مع عودة الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة مقابل وقف الحرب على غزة، بينما 10% مع عودتهم في صفقة شبيهة بالصفقة الأخيرة على مراحل، في حين لا يزال 27% مع العودة للحرب بكلّ قوّة على غزّة لإجبار “حماس” على إعادتهم وهو ما يحصل كل يوم…

أحمد الصادق

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.