من أصل 400 شاحنة الى 40 فقط إقتصاد التصدير كارثي وعبد الفتاح «لـ الشرق» قطاع النقل المبرّد في وحدة العناية المشدّدة

22

كتبت ريتا شمعون

من المبكر تقييم الخسائر الإقتصادية جراء الحرب الإسرائيلية الموسعة والمستمرة على مختلف الأراضي اللبنانية، وتداعياتها المباشرة وغير المباشرة ،  لا يوجد إحصاءات حول الخسائر في الإقتصاد، ولا نملك أرقام الصادرات ، ولكن مما لا شكّ فيه، أن لبنان تكبد جراء الأعمال العدوانية خسائر هائلة، بشرية ومادية واقتصادية، إضافة الى موجة نزوح كثيف لم يعرفها لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990.

على صعيد قطاع النقل المبرد، جاءت الأضرار ضخمة بكافة المعايير وهي تقدر بالمليارات، ذلك، على خلفية الحصار البرّي الذي تفرضه إسرائيل على لبنان بإغلاقها كل المعابر البرّية مع سوريا، باستثناء معبر العبودية الذي يربط شمال لبنان بمحافظة حمص السورية.

من المصنع الى عكار الى الهرمل، غارات إسرائيلية إستهدفت مساء السبت الماضي ،جبل أكروم ومعبر جرماش، وهذا الإعتداء الذي طال المنطقة ، هو الأول من نوعه ، أغلقت الغارات معبر جرماش قلد السبع على الحدود الشمالية الغربية للهرمل مع سوريا، وهو من المعابر البرّية الشرعية.

هذا الواقع فرض تحدّيا إضافيا على قطاع النقل المبرّد ، المنهك أصلاً، من هنا، تطرح إشكالية كيفية معالجة الكارثة التي لحقت ولا تزال بالنقل المبرّد ، من خلال اللجوء الى معبر العبودية  الوحيد الذي لا يزال يعمل بكل طاقته ، ولكن بتكلفة اكبر وبوقت أطول.

وللإجابة عن هذه الإشكالية، يفند رئيس نقابة النقل المبرّد في لبنان علي عبد الفتاح، في حديث لجريدة « الشرق» الإنتكاسات التي لحقت بالشاحنات المبرّدة ، فالإنتكاسات بدأت منذ أعوام عديدة مع إرتفاع تكاليف التصدير عبر الأراضي السورية لما تواجهه من مخاطر، واليوم إغلاق المعابر البرّية، بالتالي ، لا منافذ برّية لها على الأسواق الخليجية والعراق والأردن.

ويتخوف عبد الفتاح،من ان تتخذ إسرائيل قرارا مفاجئا بإغلاق معبر العبودية، كما فعلت باقفال المعابر البرّية، لافتا الى أن الغارات المتتالية على معبر المصنع الحدودي ، تسببت بحفرة عميقة وسط الطريق، مما أدّى الى قطع الطريق الدولي بين لبنان وسوريا،  والى منع عبور سيارة أو شاحنة ، من دون ان يعاد فتحه بعد، رغم الإتصالات التي تقوم يها الحكومة اللبنانية، متمنيا على وسائل الإعلام اللبنانية والأجنبية توخي الدقة في نقل  المعلومات عن المعابر، لأنها  قد تلعب دورا عكسيا وخطيرا يدور في فلك التضليل والتهويل  قد يستفيد منها العدو الإسرائيلي.

وفي هذا الإطار، يتحسر عبد الفتاح، على الماضي القريب  قائلاً: إن الساحة الجمركية في المصنع تفتقد اليوم زحمة الشاحنات وطوابيرها ومئات السيارات الخصوصية والعمومية اللبنانية والسورية والعربية، جميعها باتت صورا من الماضي.

وأضاف: لا نبالغ حين نصنّف أنفسنا بأننا أصحاب الشاحنات المبردة «الأكثر تضررا «  جراء إقفال المعابر البرّية نتيجة سوء الأوضاع الأمنية، التي تتواصل، حيث لم تحمل يومياتنا سوى تزايد في الخسائر الإقتصادية والمالية، التي أضرّت بنا، فالمعاناة التي نواجهها برّاً عبر  معبر العبودية كبيرة، بدءا من المسافة  وهي ليست بقليل، مرورا بارتفاع تكاليف التصديرعبر الأراضي السورية، لكن لا بديل لنا عن هذا المعبر حاليا» فعدد الشاحنات قليل جدا ولم تزد بسبب إرتفاع الضرائب لدى الجانب السوري فتتكبد  الشاحنة ضريبة تصل الى نحو 1700 دولار أميركي « رسوم تخليص جمركي» ، أي بارتفاع 50% من القيمة التي كان يدفعها المصدرون على طول الطريق الدولية، إذ قررت السلطات السورية إستيفاء ضريبة مرور تحدد قيمتها بحسب وزن الشاحنة والمسافة التي تقطعها داخل أراضيها .

ويؤكد عبد الفتاح، أن حجم المعاناة التي تلحق بالشاحنات المبردة والصعوبات كبير جدا وكارثي، مشيرا الى أن رسوم العبور ترانزيت عبر سوريا تقارب ضعفي إيجار الشاحنة المبردة، ومضيفا:  في حين تفرض السلطات السورية رسوما على شحنات البضائع اللبنانية العابرة أراضيها وتبلغ آلاف الدولارات تعفي الدولة اللبنانية البضائع الواردة الى سوريا عبر المعابر اللبنانية من أي رسوم وكذلك تفعل غالبية دول العالم ، فلا رسوم على عبور الترانزيت باستثناء بعض التكاليف الطفيفة أي أن لبنان لا يعامل بالمثل، مؤكدا ان الإتفاقيات المبرمة قائمة ومحترمة في الدول العربية ولكن الخروقات تتم في لبنان.

وللتذكير، بالماضي لم يكن هناك أدنى معاناة بالدول العربية، من العام 2000 وصاعدا، بدأنا بالعذاب بدون مراعاة لوضعنا، ولا إهتمام من قبل دولتنا لتسهيل أمورنا وكأن هذا لا يعنيها بعكس الدول العربية، في هذا السياق، يؤكد عبد الفتاح، انه لا جديد على خط إعادة تصدير المنتجات اللبنانية الى دول الخليج، بالإضافة الى  الخسائر المادية للمصدر اللبناني ، وخسارة أسواقه وسمعته التي ساهم في تأسيسها ، إضافة الى إقفال المملكة العربية السعودية أسواقها أمام الإنتاج اللبناني .

كان ينقصنا الحرب والخسائر الجديدة التي يتكبدها قطاع النقل المبرّد التي تعدّ بالمليارات بعد إقفال المعابر البرّية» قطاع النقل المبرّد اليوم في وحدة العناية المشددة « مضيفا: من اصل 400 شاحنة كانت تعبر يوميا بالإتجاهين ذهابا وإيابا ، عبر المعابرالبرّية  الشرعية اصبح عددها اليوم وعبر العبودية نحو 40 شاحنة، مؤكدا انه مع إغلاق المعابر «التصدير تضرر بشكل كبير».

وعن إمكانية الشحن عبر البحر، يقول عبد الفتاح، هذا يحتاج الى وقت أطول ما بين 45 و90 يوما، وتكلفة اكبر ، مؤكدا أن وقف التصدير عبر البرّ، سيؤدي الى ضرب قطاع الشحن البرّي وتوقف اسطول  الشاحنات المبرّدة عن العمل، وقد يواجه الشحن عبر البحر أيضا مشاكل عدة أهمها:

ضعف القدرة على شحن وإيصال كل المننتجات بنفس الوقت، الأمر الذي يؤدي الى تلف البضائع في الخارج، وتراجع القدرة التنافسية في الخارج، أضف الى ذلك، هناك فاكهة وخضر لا تحتمل فترة طويلة من الإنتظار.

ماذا يعني هذا الواقع: يعني توقف وسيلة العيش لدى اكثر من 10آلاف عائلة لبنانية ، نبدأ من اليد العاملة  الى سائق الشاحنة الى العاملين في محطات تزويد المحروقات بالإضافة الى نزوح عدد كبير منهم الى المناطق الآمنة.

وختم عبد الفتاح قائلاً :  لبنان أصبح يتلقى المساعدات الإنسانية ، مؤكدا أننا لسنا بحاجة الى مساعدات لا عينية ولا مادية ، لافتا الى  ان بداية الحلّ وقف إطلاق النار وانتخاب رئيس جمهورية ومن ثم تأليف حكومة  فاعلة لديها علاقات متينة مع كل الدول لا سيما الدول الخليجية لإنقاذ لبنان من الأزمات التي يعيشها منذ سنوات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.