مصير العالم بين “العجوزين” ترامب وبايدن

60

بقلم محمد السماك «أساس ميديا»

أصعب مهنة في العالم هي رئاسة الولايات المتّحدة الأميركية. يتنافس عليها اثنان. جو بايدن وعمره الآن 81 عاماً، وإذا فاز بالرئاسة فقد يصل عمره إلى 86 عاماً لدى انتهاء ولايته في البيت الأبيض. والثاني هو دونالد ترامب الذي وصل إلى أواخر الـ77 عاماً من العمر. ويسجّل علماء النفس السقطات الكلامية التي وقع ويقع فيها كلّ منهما لاعتمادها أساساً في تقويم مدى قدرة كلّ منهما على أداء مهمّته إذا ما وصل إلى البيت الأبيض مرّة ثانية.

عندما وصل ترامب إلى الرئاسة في البيت الأبيض في عام 2017 كان أكبر الرؤساء سنّاً في التاريخ الأميركي. كسر هذا الرقم القياسي الرئيس بايدن عندما فاز عليه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. والآن يستمرّ التنافس على الرئاسة الأميركية بين الشخصيّتين اللتين تشكّلان ظاهرة استثنائية من حيث السنّ في التنافس على قيادة الولايات المتحدة مباشرة، وبالتالي قيادة العالم ولو بصورة غير مباشرة.

للرئيس بايدن أربعة أبناء وسبعة أحفاد. وللرئيس ترامب خمسة أبناء وعشرة أحفاد.

ثمانية رؤساء أكبر سنّاً من بايدن

يوجد في العالم 187 دولة لكلّ منها رئيس (إلّا لبنان في الوقت الحاضر وحتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً). من بين هؤلاء الرؤساء جميعاً لا يوجد سوى ثمانية رؤساء أكبر سنّاً من الرئيس الأميركي بايدن. أمّا أكبر رئيس في العالم فهو رئيس جمهورية الكاميرون في إفريقيا بول بيا الذي يبلغ من العمر تسعين عاماً. أمّا المعدّل الوسطي لعمر الرئيس فقد تراجع منذ عام 1970 ليصل الآن إلى ما بين 60 و55 عاماً. وهذا يعني أنّ المرشّحَين للرئاسة الأميركية بايدن وترامب يزيد عمر كلّ منهما عن هذا المعدّل بحوالي عشرين عاماً. فماذا يعني ذلك؟

حاولت الإجابة على هذا السؤال دراسةٌ علميةٌ أجرتها كلّية الطبّ في جامعة هارفرد الأميركية. لم تقتصر الدراسة على الرؤساء المعاصرين، لكنّها ذهبت بعيداً في التاريخ حتى عام 1722. شملت رؤساء 17 دولة من الدول الغنيّة في العالم. ووجدت الدراسة أنّ المرشّحين الذين فازوا بالرئاسة عاش الواحد منهم أربع سنوات ونصف سنة أقلّ من المرشّحين المنافسين لهم الذين فشلوا في الانتخابات، والذين لم يتبوّأوا أيّ منصب حكومي رسمي.

إضافة إلى ذلك، تؤكّد هذه النتائج أيضاً دراسةٌ مماثلة أجرتها المراجع البريطانية الرسمية بالتعاون مع كلّية لندن للدراسات. وقد سبق أن نُشرت في عام 2022 هذه الدراسة التي شملت الفترة الممتدّة من عام 1967 إلى 1988.

لا تقتصر مضاعفات التقدّم في السنّ على تراجع القدرات العضلية، لكنّها تتجاوز ذلك إلى القدرات العقلية أيضاً. فالرئيس بايدن مثلاً تعثّر مراراً في قيادة الدرّاجة الهوائية وسقط مراراً على سلّم الطائرة، وهو يعرف أنّ الكاميرات ترافقه. ثمّ أخطأ مراراً في تسمية أقرب مساعديه، ومن بينهم وزير الدفاع لويد أوستن. وحتى الرئيس السابق ترامب خلط بين اسم الرئيس الصيني تشي واسم الرئيس الكوري الشمالي.

الخلفية العائلية لترامب وبايدن

يؤكّد العلماء أنّه مع تقدّم السنّ غالباً ما تتراجع القدرات الذهنية، كما تتراجع القدرات الحسابية (وقد تتحسّن لآخرين ولو لوقت محدّد). إلا أنّ ذلك لا يعني أنّ الحكمة تزداد مع التقدّم في السنّ ولو إلى حدّ ما، كما يؤكّد العلماء.

يؤكّد العلماء أيضاً أنّ القدرات الحسابية والقدرات الاستيعابية تتوقّف نسبياً عن النموّ مع سنّ الخمسين عاماً، وتبدأ بعد ذلك في التراجع.

مع سنّ التراجع يتزاحم بايدن وترامب على الرئاسة الأميركية بكلّ ما تعنيه من مسؤوليّات على مستوى العالم.

يدرس العلماء الخلفيّة العائلية لكلّ من ترامب وبايدن لتصوّر انعكاساتها المحتملة على قدرات كلّ منهما الذهنية والجسدية. فالرئيس ترامب هو ابن مليونير عاش منذ الصغر مدلّلاً وفي “فمه ملعقة من ذهب”. صحيح أنّ عائلة بايدن لم تكن في هذا المستوى من الغنى، إلا أنّها كانت قادرة على تمويل دراسته في مدارس خاصة. ولكن كان لترامب شقيقان، مات أحدهما في سنّ الـ42، ومات الثاني في سنّ الـ 71. كذلك عانى والد ترامب من مرض الألزهايمر قبل وفاته. تضاف إلى هذه الخلفيّة العائلية أنّ ترامب يعاني من السمنة والوزن الزائد، وأنّه لا يمارس أيّ نوع من أنواع الرياضة خلافاً لحالة منافسه الرئيس جو بايدن.

هكذا يجد العالم، لا الولايات المتحدة وحدها، أنّ مصيره بين يدي رجلين طاعنين في السنّ. لم يسبق أن تجمّعت قدرات وسلطات بهذا الحجم والاتّساع وبهذه القدرة على التدمير والتأثير بيد رئيس يتعثّر في حديثه أو في مسيره.

محمد السماك

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.