“مشوار رايحين مشوار… إلى أين”؟

78

كتب عوني الكعكي:

لم أرَ في حياتي أتفه أو أسخف من بعض المسؤولين في بلادي، إذ في الوقت الذي لم تكتفِ إسرائيل بقتل الشعب الفلسطيني فإنّ مدافعها وطائراتها ومسيّراتها ساهمت في قتل لبنان واللبنانيين.

هل يعلم معالي رئيس مجلس الوزراء «بالوكالة» ان إسرائيل قتلت لغاية اليوم ومنذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول أكثر من 600 مواطن لبناني… ودمّرت نصف جنوب لبنان، وهجّرت نصف أهل الجنوب.

في هذا الوقت بالذات، يحتفل دولته ومعه بعض الوزراء بشعار «مشوار رايحين مشوار».

سؤال بسيط: إلى أين نحن ذاهبون؟ ومن تتحدّون؟

بالمناسبة، فرحت جداً عندما شاهدت في الصورة الجامعة مع دولته، ان السيدة حرمه تلبس الأبيض، بمعنى انها ذاهبة الى عرس… أهنئها على اختيارها هذا اللون.. فعلاً هي تتمتع بذوق رفيع في اختيارها الثياب والألوان.

قد يقول البعض: إنّ المقصود من هذا الاحتفال الذي يحمل عنوان «مشوار رايحين مشوار» هو تحدٍّ لإسرائيل، لكنه تحدٍّ من نوع آخر… هذا ممكن… ولكن يمكن أن نتحدّى إسرائيل ولكن من دون احتفالات… خصوصاً أنّ هناك أرواحاً تدفع كثمن لاعتداءات إسرائيل وأملاكاً وبيوتاً للبنانيين تدمّر وتُمحى.

أما الاعتراض على موقف بعض اللبنانيين بالنسبة لتدخلهم في الحرب ضد إسرائيل، فنقول لهم: إنّ إسرائيل هي عدوّة لكل اللبنانيين.. ونذكّرهم بأنّ إسرائيل اجتاحت لبنان عام 1982 وحاصرت بيروت لمدّة 100 يوم، ثم دخلت الى بيروت وارتكبت مجزرة صبرا وشاتيلا، وبلغ عدد القذائف التي سقطت من الطائرات الاسرائيلية فوق مدينة بيروت المحاصرة، أكثر من عدد القذائف التي أسقطها الحلفاء على مدينة برلين في الحرب العالمية الثانية.

كذلك، فإنّ إسرائيل منذ عام 1948 وهي تعتدي على لبنان… حتى انها عندما اضطرت الى الانسحاب كان ذلك بفضل المقاومة التي أجبرت إسرائيل على الانسحاب من أوّل عاصمة ودولة عربية من دون أي مفاوضات.

بالعودة الى عدم وجود شعور وطني عند بعض المسؤولين، لا بدّ أن نُذَكّر ان بعض الدول كانت تجري فيها مهرجانات للموسيقى و«للطبل والزمر»، ولم تترك هذه الدول فنانة أو كما تكتب في الاجنبي ARTIST إلاّ واستقدمت وحقّقت ملايين الدولارات من الفن الغنائي ومن «فرفشة» رجال السلطة ورجال الأعمال.

والأنكى من كل ذلك، إقامة مسابقة لأجمل كلب، تبعتها مهرجانات أخرى للسينما.. وكأنّ البلاد بألف خير.

أنا هنا لا أعترض على حب الحياة.. ولكن يمكن أن يكون ذلك في الأحوال الطبيعية، أما عندما تكون هناك مجازر ترتكب بحق شعب عربي فقير، فإنّ من غير المقبول أن تقوم بعض الدول بإقامة احتفالات.. وهذا أقل ما يُقال فيه إن الذين يتصرّفون هكذا هم أشخاص ليس لديهم أي شعور أو حسّ وطني… وهؤلاء مرفوضون من أهلهم منبوذون من أمتهم.

أخيراً، لم أتصوّر في يوم من الأيام، أن أرى شخصاً يدّعي الاسلام ويفخر بأنه مؤمن ويخاف من ربّ العالمين وهو يدعم ويشارك في احتفال كهذه الاحتفالات وأبناء أمته ووطنه يتعرّضون للموت.. فإنّ الحد الأدنى للشعور الوطني يقتضي أن يعبّر هؤلاء عن تحدّيهم للعدو الاسرائيلي بطريقة حضارية، لا أن نذهب الى أغانٍ شعبية غير وطنية، أقل ما يُقال فيها إنها من «الأدب الرخيص» أو كما يطلق عليها باختصار «هشّك بشّك».

كان الله في عون الشرفاء والوطنيين والمؤمنين بأوطانهم وأمتهم وأعانهم بالصبر على «خفّة» عقل بعض المسؤولين الذين يصلون الى المسؤولية… لكنهم لا يستحقونها.

aounikaaki@elshark.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.