مخطّط نتنياهو يتقدّم: فتح في غزّة… والجيش في الجنوب
بقلم جوزفين ديب
«أساس ميديا»
منذ ساعات انشغلت الأوساط السياسية في لبنان بالخبر الذي سرّبه موقع “أكسيوس” عن حصول اجتماع سرّي بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل وأميركا في تل أبيب. هذا الاجتماع مرتبط مباشرة بالكلام عن حلّ “اليوم التالي” في قطاع غزة. وبعده مباشرة يأتي دور لبنان بالكلام عن “اليوم التالي”… فما هو مخطّط نتنياهو لغزّة وللبنان؟
التصعيد الذي شهده جنوب لبنان خلال الأيام الماضية والذي سيشهده خلال الأيام المقبلة ليس إلّا انتظاراً وتحضيراً إلى أن تحين ساعة الاتّفاق. وما بين غزة ولبنان هناك تقدّم بطيء في المفاوضات بدأت تظهر مؤشّراته في مصطلحات استعملها للمرّة الأولى الأمين العامّ للحزب، منذ بداية “حرب المساندة والإشغال” التي أعلنها في 8 تشرين الأول الماضي، وأبرزها أنّ “الجهة المفاوضة في لبنان هي الدولة اللبنانية”. وهو “التعميم” نفسه الذي تمسّك به الحزب عشيّة توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية قبل عامين مع العدوّ الإسرائيلي. يومها قال الأمين العامّ مراراً وتكراراً: “نقف خلف الدولة”.
وقائع الاجتماع السّرّيّ
بعد كثير من النفي في الساعات الماضية، أكّد مسؤول العلاقات الخارجية في منظمة التحرير الفلسطينية السفير أنور عبد الهادي لـ”أساس” حصول اجتماع بين منظمة التحرير وأميركا وإسرائيل. لكنّه نفى أن يكون الاجتماع قد حصل في تل أبيب، كما أشار موقع “أكسيوس”، بل قال إنّه حصل في القاهرة.
في التفاصيل قال عبد الهادي إنّ الاجتماع حضره وفد من المخابرات الإسرائيلية ومن مكتب رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، وممثّل عن الشؤون المدنية في الجهة الفلسطينية مع أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ ومدير المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج، وعن الجهة المصرية مدير المخابرات المصرية عباس كامل، وكبير مستشاري الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك. وجرى النقاش في الاجتماع حول إعادة فتح المعبر كجزء من صفقة التبادل مع فصائل المقاومة الفلسطينية، وذلك مع معارضة رئيس الحكومة الإسرائيلية لأيّ تدخّل رسميّ للسلطة الفلسطينية في المعبر.
أضاف عبد الهادي لـ”أساس” أنّ الوفد الفلسطيني عارض هذا المقترح رافضاً الدخول إلا بشكل رسمي ووفق حلّ سياسي في القطاع بعد إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل.
هنا لا بدّ من التذكير بأنّ مسؤولين إسرائيليين سبق أن اقترحوا منذ أيار الماضي إرسال أفراد من السلطة الفلسطينية بشكل غير رسمي لتشغيل معبر رفح تحت صفة “لجنة مساعدات محلّية”، وهو ما أغضب الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
هذا التطوّر الذي برز في تسريب هذا الخبر لا يمكن إلا أن يقود إلى التأكيد أنّ المفاوضات حول “اليوم التالي” بدأت بشكل جدّي. وفي معلومات “أساس” أنّ نتنياهو لن يتراجع قبل تحقيق مخطّطه بالقضاء على إمكانية مشاركة حركة “حماس” في أيّ شكل من أشكال الحكم في غزة. وهو يريد الاتفاق مع منظمة التحرير لإدارة القطاع، تماماً كما هي حال الضفة الغربية.
الاتّفاق في الجنوب مع الجيش
في آخر خطاباته، قال الأمين العامّ للحزب إنّ الكلمة الأخيرة ستكون لحركة حماس في أيّ اتّفاق، وإنّه متى وافقت الحركة وافق الحزب. يأتي هذا الكلام بعد تأكيد تراجع حماس عن مطلبها وقف إطلاق النار الدائم في المرحلة الأولى من المفاوضات.
ثمّ عاد نصرالله وقال في خطاب عاشوراء الأخير إنّ الحزب يقف خلف الدولة في أيّ اتفاق مقبل. بالطبع هذا الكلام يعيدنا مباشرة إلى كلام نصرالله نفسه قبيل الاتفاق على الحدود البحرية يوم استخدم التعبير نفسه.
ماذا يعني هذا الكلام؟
تؤكّد أوساط سياسية أنّ قول نصرالله هذا يعني أمراً واحداً، وهو أنّ المفاوضات تتقدّم والجميع يحضّر نفسه لـ”اليوم التالي”، سواء أكان ذلك سيحصل في المدى الزمني القريب أو بعد تصعيد إسرائيلي مرتقب في جنوب لبنان خلال شهر آب المقبل.
في معلومات “أساس” أن لا أحد يريد الحرب، خصوصاً المجتمع الدولي وواشنطن التي تسابق الوقت قبل وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وبالتالي ستتكثّف الجهود للوصول إلى تسوية قبل الانتخابات الأميركية.
لكن إذا حصل هذا أو إذا استطاع نتنياهو إرجاء أيّ حلّ إلى ما بعد الانتخابات، فكما سبق أن ذكر موقع “أساس” في مقال سابق سيبقي الحلّ القائم على تطبيق القرار 1701 الحزب تحت الأرض وسيبقي إسرائيل فوق الأرض وفي الجوّ. وما بينهما سيحصل اتفاق على انتشار الجيش اللبناني وزيادة عتاده وعديده بقرار سياسي وتحت إشراف قوات اليونيفيل في الجنوب التي سيتمّ التمديد لها وفق الصيغة الأخيرة. والدليل أنّ الميزانية التي تخصّص في العواصم الأوروبية للجيش لا تزال قائمة، وستُصرف في الوقت المناسب.
جوزفين ديب