مؤتمر القمة العربية… أحلام بأحلام

0

بقلم المحامي

د. عبد الحميد الأحدب

القضية الفلسطينية تمرّ بأخطر مرحلة منذ 1948، إذ ان المطروح من أميركا وإسرائيل تهجير فلسطينيو غزة ونزع سلاح حماس وإخراجها من سلطة غزة وإعادة الإعمار، وأميركا تهدد بالجحيم اذا لم يتم الإفراج عن الرهائن في غزة.

مؤتمر القمة العربية الذي عُقد منذ ايام، اعطى خطابات مطمئنة للذين تُطمئِنهم الخطابات: رفض التهجير ورفض نزع سلاح حماس او لا شيء عن ذلك! ماذا عن الرهائن؟ لم يستحق الموضوع اهتمام مؤتمر القمة!!! مع أن التهديد بالجحيم وارد من اميركا! ماذا عن حصار غزة؟ أليست خطابات مؤتمر القمة كمثيلاتها من خطابات مؤتمرات القمة التي انعقدت في السنوات السابقة؟ كلام بكلام!!! وفلسطين تضيع أكثر فأكثر!

كم تمنينا لو كان المؤتمر مغلقاً وعالج بالعقل وبواقعية السابع من اكتوبر الذي بدأته حماس في غزة ولحقها حزب الله في لبنان بناء على أوامر صادرة من ايران! فوصلنا الى ما وصلنا اليه!

وما نحن فيه لا يعالَج بالخطابات ولا على التلفزيونات، بل يُعالج بغرفة مغلقة تبحث بالعقل، وأقول بالعقل، وليس بالعاطفة وبالكلام، تبحث خطورة الوضع المتردي والذي يهدد بنتائج خطيرة، وبما ليست على بال مؤتمر القمة! تعوّد العرب ان يعالجوا مشاكلهم بالعواطف، فضاعت فلسطين منذ 75 سنة، مرة، مرتين وثلاث!

وتشغيل العقل فيه دائماً “تخوين”، لأنه يجابه الواقع ويبحث بالعقلانية التي لا تناسب العاطفية التي طالما غلبت التفكير العربي.

أميركا هي التي تطرح اليوم تهجير اهالي غزة من الفلسطينيين، وليس اميركا ايام زمان، بل أميركا “ترمب” الذي فكّ الإرتباط الأميركي بأوروبا وتحالف مع روسيا، ونتائج ذلك خطيرة على الوضع العسكري الدولي، ومع ذلك هو يتابع بإصرار.

فهل يكفي ان يقول مؤتمر القمة العربية “لترمب” كلا لتهجير فلسطينيو غزة لكي تسقط خطة “ترمب” في التهجير؟ وكلفة اعمار غزة 50 مليار دولار، كيف سيتمكن الإقتصاد العربي من دفع خمسين مليار دولار؟ وما هي نتائج الدفع اذا تمكنت الدول العربية من الدفع؟

وهل لإعادة اعمار لبنان مكان؟ وكيف؟

ثم، العلاقة مع ايران من حيث جاءت كل المشاكل! ولا كلمة عن ايران، وقد كان من المفروض ان يبدأ مؤتمر القمة ببحث العلاقة مع ايران وبحث اوضاع ايران التي هي ذاهبة الى مواجهة مع اميركا، ويعاني وضعها الداخلي ازمة مستحكمة!

لقد رد “ترمب” على مقررات مؤتمر القمة العربية بأنه متمسك باقتراح التهجير، ويرفض مقررات مؤتمر القمة!

اذاً فهناك نزاع مع اميركا “ترمب”، ما هي نتائجه؟ وما هي البدائل؟ وكيف؟ العقل العربي في إجازة، واي تفكير او اي موقف عقلاني، يُتَّهم “بالتخوين”. في هذا الوقت غزة محاصرة، ومنقطع عنها حتى الغذاء، والشاحنات تقف على الحدود ممنوعة من دخول غزة، والأيام تمضي.

مؤتمر القمة العربية كان مؤتمر الأحلام العربية! الحقائق العربية والتحديات الأميركية الإسرائيلية امامنا، كيف سنواجهها؟ هذا ما لم تَجب عنه احلام مؤتمر القمة العربية. لهذا فإن مشاكل غزة من التهجير الى اعادة الإعمار الى نزع سلاح حماس الى… الى… مشاكل ستنفجر في الأيام القادمة، وسيستيقظ العرب اذ ذاك على الحقائق وعلى الواقع الذي لم يجهزوا انفسهم له الا بالكلام الجميل وبالأحلام.

ساعة الحقيقة التي هرب منها مؤتمر القمة آتية لا ريب فيها، واذا ذاك فإن الواقع المر وانفجاراته سيكون مدعاة ليقظة العقل العربي!

لقد قال مؤتمر القمة العربية “لا” وانتصرنا، المهم الآن ان نعرف كيف نقول بالواقع بالحقيقة كيف تكون هذه “اللا” وبأي ثمن؟ وبأي طريقة؟

المحامي د. عبد الحميد الأحدب

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.