لا مساعدات ولا إعمار بدون حل قضية السلاح
كتب عوني الكعكي:
بكل صراحة ووضوح، صار معلوماً أن الدول العربية التي اعتاد لبنان على تلقي مساعداتها بعد كل اعتداء إسرائيلي عليه قد اتخذت قراراً نهائياً، باتت غير مستعدة للسير على المنوال نفسه، إذ هي قررت أنها لن تقدم دولاراً واحداً للمساعدة في عملية الأعمار إلا ضمن شروط إصلاحية ملموسة.
على كل حال، هذا صار معروفاً، ولكني أردت أن أثير هذا الموضوع الآن بسبب زيارة فخامة الرئيس جوزاف عون الى المملكة العربية السعودية واجتماعه مع القيادة السعودية، التي أبلغته بهذا القرار.
إنّ قرار إيقاف المساعدات للبنان جاء بعد التهجم الذي تعرضت له المملكة العربية السعودية ودول الخليج من قبل فئات لبنانية. والمعروف أيضاً أن ذلك كان بمباركة وتشجيع من دولة ولاية الفقيه، وهذا صار معروفاً للجميع أيضاً.
ومما زاد الطين بلّة، هو أن منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت أصبحت «الملعب» والمكان الذي تجهّز فيها الإذاعات والتلفزيونات للتهجم على المملكة والوقوف مع الحوثيين. إضافة الى أن عملية إعداد وتدريب مقاتلين للذهاب الى اليمن لمساعدة الحوثيين في حربهم ضد المملكة العربية السعودية، وكذلك المساعدة على بث برامج ضد المملكة من اليمن وتحديداً من الحوثيين، صار أمراً مألوفاً الى درجة كبيرة.
بالعودة الى ما حدث في سوريا، أي الى الزلزال الذي أصاب سوريا بإجبار الرئيس بشار الأسد على الهرب الى موسكو، وترك سوريا لجماعة «هيئة تحرير الشام»…
سوريا اليوم غير سوريا الأمس.. إذ يكفي ان سوريا كانت الشريان الاساسي الذي تتنفس منه المقاومة اللبنانية… حيث كان السلاح والمال يأتيان الى سوريا ومنها الى لبنان والحدود مفتوحة على مصراعيها من دون حسيب ولا رقيب.
أما اليوم فالعكس هو الذي يحصل.. إذ أصبحت المقاومة معزولة، ولا تستطيع الحصول على المال ولا على السلاح الذي كان يأتيها من إيران.
على كل حال، المشكلة عند المقاومة تختلف عن الماضي… ولكي يكون الإنسان على حق لا بد من العودة الى التاريخ… ودعونا نعود الى حرب التحرير في العام 2000… يومذاك، نستطيع القول إنّ المقاومة قامت بواجبها خير قيام أمام الشعب وأمام الدولة، أما بعد ذلك فقد انتقلت المقاومة من مقاومة ضد إسرائيل الى فصيل مسلح ينفذ أوامر ولاية الفقيه، والكل يتذكر أكثر من تصريح لآية الله الخامنئي وغيره من قادة الجمهورية الإسلامية يقولون إننا بتنا نسيطر على أربع عواصم عربية هي: بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء. أما ملك الاردن الملك عبدالله الثاني فقد ردّ في تلك الحقبة محذراً من الهلال الشيعي الذي تخطط وترسم له الجمهورية الإسلامية في إيران.
دخول الحزب في معركة مساندة غزة كان لا بدّ منها.. إذ لا يكفي أن يصرّح الزعيم الشيعي لحزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله انه يريد تحرير القدس واسترجاع فلسطين، وتشكيل «فيلق القدس» وتعيين قائد من الحرس الثوري برتبة لواء واسمه اللواء قاسم سليماني قائداً لـ «فيلق القدس» الذي أوكلت إليه عملية تحرير القدس، وبالمناسبة هذا الفيلق لم يطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل بالرغم من وجوده مع الحزب والحرس الثوري في سوريا وفي لبنان.
بالعودة الى حرب الإسناد التي كان لا بدّ منها، وبعد مرور شهر على بدئها جاء المندوب الأميركي آموس هوكستين ممثلاً بلاده كوسيط لحل المشكلة بين لبنان وإسرائيل.. وكان الردّ اللبناني بالرفض، مع العلم أنها كانت فرصة تاريخية للبنان وللسلام في المنطقة، ولكن للأسف حزب الله منع الدولة اللبنانية من إبرام الاتفاف لوقف إطلاق النار رغم الاستعداد الإسرائيلي للانسحاب من 13 نقطة تشكل خلافاً حدودياً بين لبنان وإسرائيل. للأسف الشديد فوّت الحزب على نفسه وعلى اللبنانيين أهم فرصة تاريخية.
والأنكى من ذلك أن هذه الفرصة تكررت 11 مرة، أي خلال زيارات هوكستين للبنان. أما اليوم فلا مجال لادعاء حاملي السلاح بأن سلاحهم هذا هو للدفاع عن لبنان. لأن هذا الإدعاء سقط وسقط بطريقة كارثية. إذ أصبح هذا السلاح عبئاً على اللبنانيين. لو نظرنا الى نتائج هذه الحرب مع إسرائيل لوجدنا أن هذا السلاح سقط في الدفاع عن لبنان… بل كما قلت أصبح عبئاً على كل لبناني. وللتذكير إن هذا السلاح لم يحمِ قائد المقاومة وهو مختبئ في باطن الأرض في مبنى في الطابق الثامن تحت الأرض. وبفضل القنابل التي حصلت عليها إسرائيل من أميركا تم اختراق الطوابق السفلى حتى الطابق الثامن وقتلت القائد التاريخي لحزب الله السيد حسن نصرالله وابن خالته القائد هاشم صفي الدين في ما بعد وكل قادة الصف الأول من الحزب في أماكن وفترات مختلفة.
ثانياً: عملية «البيجر» التي اعترف بها قائد المقاومة السيد حسن نصرالله وقال إنها حدثت بسبب تفوّق إسرائيل علينا تكنولوجياً.
ثالثاً التدمير الذي قامت به إسرائيل والذي يكلف حوالى 20 مليار دولار، ونسأل: من سيدفع ثمنه؟
أخيراً لا بدّ للحزب أن يقف وقفة ضمير يعترف بها أن سلاحه لم ينجح في الدفاع عن لبنان وعن اللبنانيين، وأنه أصبح عبئاً عليهم وعلى البيئة الشيعية نفسها.
لذلك، لا بد من العودة الى الوطن، أي العودة الى الشرعية والعودة الى الدولة، وكفى قتالاً فاشلاً ودفع أثمان بشرية ومادية من دون نتيجة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.