لا القضاء ولا الرصاص يستطيعان إيقاف ترامب
بقلم موفق حرب
«أساس ميديا»
لم ينقص الرئيس السابق دونالد ترامب ليزيد من مأزق الرئيس جو بايدن الانتخابي إلا نجاته من محاولة اغتيال “بمعجزة”، وأصبح على بايدن والديمقراطيين تخطّي كارثة المناظرة التلفزيونية ومعجزة النجاة من الاغتيال.
تبجّح ترامب مرّة بأنه يستطيع أن يطلق النار على شخص في شارع “ماديسون” في نيويورك ومناصروه يبقون وراءه، فكيف الآن وهو الذي تعرّض لإطلاق النار؟
ترامب الذي يبرع في لعبة الصورة وأهميّة المظهر، تصرّف غريزيّاً بعد إصابته وأعطى حملته الانتخابية ومناصريه مشاهد متلفزة لرئيس قويّ حتى الإصابة عجزت عن إيقافه.
غريزة ترامب السياسية وقدرته على تجيير أيّ وضع لمصلحته جعلته يتوقّف للحظات ويهتف إلى الحشود “قاتلوا قاتلوا”. تعليمات وبروتوكول فريق الحراسة الرئاسي في حالات مشابهة هو تطويق الرئيس بأجسادهم وسحب الرئيس ومغادرة مكان الحادث على الفور، لكنّ ترامب خالف البروتوكول ووقف رافعاً قبضته مظهراً رباطة جأش موثّقة في الفيديوهات المنتشرة والتي من المؤكّد أنّه سوف يستغلّها الى أقصى حدود في الانتخابات.
بايدن يتراجع
الرئيس بايدن سارع لإدانة عملية الاغتيال، اتّصل بترامب وقرّر سحب الإعلانات الانتخابية المتلفزة، التي يشنّ فيها حملات قاسية على ترامب مخافة أن يكون لها ردّة فعل معاكسة نتيجة التضامن الذي سيحصل عليه ترامب.
مكان الإصابة يشير إلى أنّ المسلّح كان يهدف الى إصابة ترامب في مقتله بين الأذن والحاجب، حيث ظهرت آثار الدماء على وجهه، لكنّ حظّ ترامب كان أقوى حين أدار رأسه أثناء إلقائه خطابه فأصابته الرصاصة بخدش.
عضو مجلس الشيوخ ماركو روبيو المرشّح الأبرز ليكون نائباً لترامب سارع للإعلان أنّ “الله أنقذ الرئيس ترامب” وهذه مقولة ستتردّد حتى إجراء الانتخابات.
هناك تاريخ من العنف السياسي في الولايات المتحدة، لقد تمّ اغتيال أربعة رؤساء على مرّ التاريخ أثناء ولايتهم، أبرزهم اغتيال أبراهام لينكولن عام 1865 والرئيس جون كينيدي عام 1963. أما الرئيسان جايمس غارفيلد وويليام ماكنلي فقد توفيّا متأثّرين بجراحهما في العامين 1881 و 1901.
وهنالك عدّة محاولات اغتيال لرؤساء ومرشّحين للرئاسة أبرزها محاولة اغتيال الرئيس الراحل رونالد ريغان الذي أصيب بجروح بليغة عام 1981.
محاولة اغتيال ترامب تشبه من حيث الشكل محاولة اغتيال ثيودور روزفلت عام 1912 في مهرجان انتخابي، حيث أصيب لكنه استمر بإلقاء خطابه بعد أن خفّفت علبة نظّارته من قوّة الرصاصة وتلقّى العلاج لاحقاً.
ترامب والعنف
كان الرئيس ترامب السبّاق في التحذير من اندلاع أعمال عنف في حال عدم فوزه في الانتخابات. كما أنّ ولايته انتهت بمحاولة لاقتحام الكونغرس تخلّلتها أعمال عنف. لكنّ أعمال العنف جاءت ضدّه وكاد أن يدفع ثمن التلويح باحتمال اندلاع حرب أهلية. جاءت محاولة الاغتيال عشيّة انطلاق مؤتمر الحزب الجمهوري الذي يستمرّ لعدّة أيام ويُختتم بترشيح ترامب رسمياً عن الحزب الجمهوري. كانت هناك مناقشات لتحديد استراتيجية الجمهوريين في المؤتمر، خصوصاً بعد أداء بايدن الكارثي في المناظرة التلفزيونية، وضرورة الاستمرار بالأسلوب الهجومي لترامب أو انتهاج خطاب توحيدي أكثر هدوءاً، خاصة أنّ الاستطلاعات تسير في مصلحة ترامب ولا ضرورة لاستفزاز الديمقراطيين أو الناخبين المستقلّين.
اليوم وبعد نجاة ترامب من محاولة الاغتيال، من غير الواضح ما هي الاستراتيجية الانتخابية التي سينتهجها المؤتمر الحزبي، لكن من المؤكّد أنّ محاولة الاغتيال ستضاعف الاهتمام بالمؤتمر الحزبي وتزيد من نسبة المشاهدة والمتابعة.
متى تهدأ حملة التضامن مع ترامب، من المؤكّد أن تبدأ نظريات المؤامرة في البروز، بخاصة أنّ مطلق النار أُردي قتيلاً من قبل الحرس الرئاسي والتحقيقات ستركّز على التقصير، وكيف فشلت الإجراءات الأمنية بمنع المسلّح من الصعود إلى سطح المبنى المشرف على مكان الحفل.
الديمقراطيون سيلقون اللوم على الخطاب التحريضي لترامب الذي يشجّع على العنف، وينتهج خطاباً يعتمد على التخويف وزرع القلق في المجتمع الأميركي. الرئيس الأ سبق أوباما الذي شجب محاولة الاغتيال لمّح الى ذلك داعياً إلى ضرورة استخدام “اللحظة لإعادة الالتزام بالتحضّر والاحترام في سياستنا”.
السؤال الذي يحيّر الديمقراطيين هو كيف يمكن إيقاف ترامب؟ فلا الفضائح الجنسية، ولا الأحكام القضائية استطاعت الحؤول دون ترشّحه وتقدّمه في الاستطلاعات، واليوم يضاف إلى هذه اللائحة محاولة الاغتيال.
موفق حرب