كيف فشل مشروع ولاية الفقيه عربياً؟

0

كتب عوني الكعكي:
بعد الخسائر التي تكبّدتها إيران في سوريا وغزة ولبنان، بدأت تبحث عن حلفاء جدد.
لقد فشلت إيران بعد أن كان قادتها يتغنون بأنها تسيطر على أربع عواصم عربية هي: دمشق وبغداد وصنعاء وبيروت. هذا الإدعاء بات مكشوفاً. فقد تبيّـن أنّ هذا الإدعاء هو إدعاء للدعاية فقط ولم يكن حقيقياً.
نبدأ بسوريا… فإيران تدّعي أنها صرفت أكثر من 300 مليار دولار في سوريا، كمساعدات عسكرية واقتصادية، وأنها أفشلت الثورة التي قامت ضد بشار الأسد، ولولا تلك المساعدات لكان بشار سقط منذ أمد طويل. أما اليوم فإنّ رئيس «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع يطالب إيران بمبلغ 300 مليار دولار كتعويضات بدل التخريب والمذابح التي ارتكبها الحرس الثوري الإيراني، ومعه الحزب العظيم حزب الله، والجيش الإيراني منذ بداية الحرب.
الصدمة الكبرى، إن الجيش السوري الذي كان تعداده يتخطى المليون جندي، ومعه الحرس الثوري حوالى 40 ألفاً وعشرة آلاف من الجيش الإيراني الرسمي، و30 ألفاً من حزب الله. إن «هيئة تحرير الشام» 400 عنصر أسقطت حلب في 8 أيام.
فالسؤال الكبير: أين كان الجيش السوري وحلفاؤه.. وهل كانوا جنوداً من ورق؟ هذا لغز كبير، لا بدّ له أن ينكشف سرّه وحقيقته في يوم من الأيام.
أما في غزة… كان القائد الشهيد يحيى السنوار كما أشار السيّد حسن نصرالله في بداية «طوفان الأقصى».. إنهم لا يعلمون (أي الحزب) وإيران وعلى رأسها المرشد خامنئي لم يكن على علم. وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على أن السنوار لا يثق بالقيادات الإيرانية. علماً أن إيران خلال عام وخمسة أشهر لم تفعل شيئاً سوى 300 صاروخ (من قيصر عامر). أما عن حزب الله، فإنّ السيّد حسن نصرالله تدخل منذ اليوم الثاني لـ «الطوفان» مسانداً غزة، لأنه يؤمن أن قضية العرب والمسلمين الأولى هي قضية فلسطين. فلم يشأ أن يقف متفرجاً. ونحن نؤكد هنا أن إيران أحرجت بتدخل السيّد لكنها لم تكن قادرة من منع السيّد من مساندة غزة.
أما بالنسبة للعراق… فكما رددنا وكتبنا عدة مرات، فإنّ الشعب العراقي وطني. صحيح أن إيران استغلت سقوط صدّام حسين وانهيار الجيش العراقي لتحتل العراق وتنشئ ميليشيات شيعية، هدفها الوحيد هو تخريب مسيرة السلطة والسيطرة على مواردها. وهنا على سبيل المثال، إن قاسم سليماني كان يأخذ 6 مليارات دولار مقابل نشر التشييع. لذلك، فإنّ الحكم الجديد بقيادة السوداني أوقف كل ما كان يحصل من سرقة أموال الشعب والحدّ من النفوذ الإيراني.
وبالنسبة للبنان… فكما ذكرنا ان السيّد حسن دخل المعركة إيماناً منه بقضية فلسطين، ولم يكن يظن أن المعركة ستطول بل كان يعتقد أنها ستستمر أياماً. وكان يحذّر دائماً من التفوّق الإسرائيلي التكنولوجي. وكما قال لي أحد المختصين بالكومبيوتر، إنه خلال احتفالات دعا إليها السيّد حسن، وتحضرها جماهير غفيرة، لم يكن يظن أن صوَر هذه الاحتفالات ستنقل الى «الموساد» ولتستفيد منها إسرائيل لتقدمها التكنولوجي. ومعظم الذين قتلتهم إسرائيل كانت تتابعهم وتتابع أخبارهم بدقة. وكانت عملياتها محددة ومعروفة مسبقاً للمخابرات الإسرائيلية.
أعود الى ما ذكرته في بداية حديثي… لأذكر أن إيران بعد فشلها المتكرر، عمدت الى خيار آخر، فقد وقعت مع روسيا اتفاقية شراكة استراتيجية، غطّت أوسع قطاع من التعاون على مدار تاريخ العلاقات بين البلدين، بما في ذلك الدفاع والتجارة والطاقة والتمويل والنقل، وكذلك الزراعة والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والرعاية الصحيّة فضلاً عن الاستخبارات ومكافحة الإرهاب.
الاتفاقية تم التوقيع عليها في الكرملين من قِبَل الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والإيراني مسعود بزشكيان تتكوّن من 47 مادة، وتغطي أكثر من 30 مجالاً، ومن المقرر أن تستمر لمدة 20 عاماً مع تمديدات تلقائية لفترات مدتها 5 سنوات لاحقة.
وعلى عكس معاهدات روسية مشابهة مع الصين وكوريا الشمالية وبيلاروسيا، لم تحتوِ الاتفاقية مع إيران على بند الدفاع المتبادل، بل نصّت على انه إذا تعرّضت إحداها للهجوم، فيجب ألاّ تقدم الدولة الأخرى أي مساعدة عسكرية أو غيرها للمعتدي من شأنها أن تسهّل استمرار العدوان.
وكانت اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين قد نوقشت لأول مرة في عهد الرئيس السابق حسن روحاني (2013- 2021) واستمرت في عهد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي (2021- 2024) قبل أن يتم التوقيع عليها في الكرملين.
وفي تعزيز إضافي للعلاقات مع روسيا، انضمت إيران الى كتلة «البريكس»، وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أحد القلائل من زعماء العالم الذين حضروا قمّة الكتلة في قازان في اكتوبر الماضي.

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.