قرارات خاطئة أدّت إلى سقوط السلاح [الحلقة الثالثة والأخيرة]

0

كتب عوني الكعكي:

نبدأ بقرار اتخذه حزب الله بخطف جنديين إسرائيليين في 6 تموز 2006 بحجة استعادة الأسرى المعتقلين لدى «إسرائيل»، أما ما حصل فإنّ الإدعاء الذي أطلقه الحزب عن «النصر الإلهي» هو في الحقيقة وهم وكذبة كبيرة. إذ دفع الحزب والجيش والشعب اللبناني كله ثمن تلك الحرب، حوالى 6000 قتيل وجريح من أجل الإفراج عن أسرى الحزب في السجون الإسرائيلية. هذا الوهم يثير تساؤل الناس: كيف ندفع ثمن شعار إطلاق سراح أسرانا بقتل وجرح 6000 شخص ثم نعتبر أنّ هذا نصر من الله. والسؤال: أين الربح؟ هذا أولاً.

ثانياً: لم يكتفِ السيّد حسن نصرالله بالسكوت، بل ألقى أكثر من خطاب يقول فيه: إن ما حدث هو نصر إلهي. ليعود بعدها ويطلق شعار: «لو كنت أعلم».

ثالثاً: التدمير الذي حصل جرّاء الردّ الإسرائيلي على لبنان كبير، تشير التقديرات الى أن الخراب الذي حدث جرّاء الحرب التي قامت بها إسرائيل رداً على تحرير الجنديين اللذين اختطفهما الحزب كبير جداً، فالخسائر تصل الى 15 مليار دولار. اما على صعيد البيوت التي دمّرت فحدّث ولا حرج، بالإضافة الى تدمير بعض القرى على الحدود تدميراً كلياً… بالاضافة الى ما جرى من تهديم أبنية بالكامل في الضاحية الجنوبية. ولا ننسى ما جرى من تدمير جسور وتهديم محطات كهرباء.

ونكتفي بذلك لنقول: إنّ الحزب اتخذ قراراً خاطئاً دفع ثمنه الشعب اللبناني والدولة اللبنانية على حد سواء.

القرار الثاني: حرب مساندة غزة مع إيماني بأنّ القرار جاء من السيّد حسن نصرالله شخصياً من دون علم جماعة ولاية الفقيه، ويمكن القول إنّ ما حدث هو ضد إرادتهم، ولكن لم يستطيعوا أن يقولوا شيئاً فظلوا صامتين.

لا شك ان القرار الذي اتخذه السيّد حسن نصرالله هو قرار صائب جداً، وينسجم مع شعارات رفعها جماعة ولاية الفقيه حول تحرير فلسطين وسرقة العلم الفلسطيني من العرب، والإدعاء بأنهم أنشأوا مجموعة من الحرس الثوري ومن أهمها «فيلق القدس» الذي نصّبوا عليه اللواء قاسم سليماني والذي كانت مهمته تحرير القدس.. وللعلم فإنّ هؤلاء «الأبطال» لم يطلقوا رصاصة واحدة لتحرير فلسطين بل على العكس فإنّ كل ما فعلوه هو:

أولاً: السيطرة كلياً وعسكرياً وسياسياً على العراق بعد سقوط الرئيس صدّام حسين جرّاء الغزو الأميركي الذي استفادت منه إيران، وتحديداً جماعة ولاية الفقيه.. وأصبح اللواء قاسم سليماني هو الحاكم العسكري الفعلي للعراق.. والأنكى أنه لم يكتفِ بتعيين رئيس جمهورية ورئيس حكومة ووزراء ورئيس مجلس ونواب بل قام بالإضافة الى السيطرة السياسية على العراق بالسيطرة المالية من خلال تخصيص 6 مليارات من الدولارات سنوياً بتصرّف اللواء قاسم سليماني، هذا أولاً…

كما ان الميليشيات الطائفية التي أنشأها وأهمها الحشد الشعبي، سرايا قاسم الجبارين، لواء ثأر المهندس، سرايا ثورة العشرين، سرايا أولياء الدم وسرايا المنتقم، حزب الله العراقي، كتائب أبو الفضل العباس، حركة النجباء وعصائب أهل الحق، كلها كنت تأخذ رواتبها من الحكومة العراقية كأنهم جنود في الجيش العراقي… وهذا ثانياً.

أما السيّد حسن نصرالله -كما ذكرنا- فقد دخل حرب مساندة غزة إنطلاقاً من إيمانه العميق بتحرير فلسطين من الإسرائيليين، لذلك لم يستشر أحداً بالأمر.

وبعد مرور شهر على حرب المساندة التي حققت هدفاً واحداً، وهو هروب الإسرائيليين من شمال فلسطين المحتلة، ويبلغ أعدادهم 80 ألفاً، مقابل تهجير 800 ألف مواطن لبناني من أهالي الجنوب، وعدد غير معروف من «ضاحية» بيروت، وعدد كبير أيضاً من أهالي بعلبك والهرمل ومن أهالي البقاع الشرقي والغربي والأوسط… يعني أنه، وفي عملية حسابية بسيطة، فإنّ الخسارة الأولى أننا حققنا انتصاراً على إسرائيل ولكن بثمن غالٍ جداً.

جاء المندوب الأميركي آموس هوكشتين بعد مرور شهر واحد على دخول الحزب في حرب المساندة، وعرض على الرئيس نبيه بري مشروع سلام مشرف ينص على انسحاب الحزب من الحرب في الجنوب لقاء عقد اتفاق تاريخي مع إسرائيل يقضي بالتخلي الإسرائيلي عن 23 نقطة حدودية «عالقة» تحتلها إسرائيل بالإضافة الى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

كذلك إعادة النظر بالاتفاق البحري الذي وقّع بين لبنان وإسرائيل… وللأسف الشديد لم يقبل السيّد حسن نصرالله بالرغم من النصائح التي كان الرئيس نبيه بري يوجهها إليه.

استمرت الحال على المنوال نفسه لمدة 13 شهراً و «السيّد» يرفض، حتى حققت إسرائيل ما يلي:

أولاً: 4000 قتيل وجريح وأعمى ومقطّع الأوصال من الحزب في عملية تفجير «البيجرز».

ثانياً: اغتيال قائد المقاومة السيّد حسن نصرالله وابن خالته ونائبه السيد هاشم صفي الدين وقادة الصف الأول في الحزب في أكبر عملية تفجير بتاريخ لبنان حيث استعملت إسرائيل قنابل تخترق 8 طوابق تحت الأرض تجرّب في لبنان لأوّل مرّة.

ثالثاً: استطاعت إسرائيل وباعتراف القائد حسن نصرالله وبتفوّق في التكنولوجيا في اغتيال أكبر عدد من المسؤولين في الحزب من خلال الذكاء الاصطناعي والمسيّرات التي تتصيّد مقاتلين من الحزب كالعصافير…

بصراحة، أقول: إنّ السيّد حسن نصرالله أضاع على لبنان وعلى جماعته فرصة تاريخية قد لا تمر على لبنان مرّة ثانية. واليوم علينا أن نفتح صفحة جديدة مع الوطن.. لأنّ علينا أن نعترف أن السلاح الذي كنا نعتقد أنه يحمينا لم يعد يحمينا، وأصبح عبئاً علينا.

بصوت هادئ أقول: فلْنعد الى الوطن ولْنعد الى لبنان، وكفى كفى أن نعتمد على أحلام غير قابلة للتحقيق.

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.