قبل يوم من 18 شباط: لماذا تعمد نتنياهو أن يقصف لبنان خلال خطاب الشيخ نعيم قاسم؟؟!

29

بقلم ناصر شرارة

«الهديل»

تشرف مهلة الـ٤٢ يوماً من المرحلة الأولى لوقف النار في غزة على الانتهاء من دون أن يبدأ التفاوض حسب ما هو مقرر بعد ١٦ يوماً من المرحلة الأولى، على تفاصيل المرحلة الثانية. وهذا الأمر يعد واحداً من عدة مؤشرات تظهر أن نتنياهو لا يريد الدخول في المرحلة الثانية من التفاوض على وقف النار، بل يريد تبكير مرحلة استعادة كل الأسرى، ومن ثم العودة لإطلاق النار حتى يحقق ما يسميه “النصر المطلق”، ومفاده تصفية كل حماس وتهجير كل الغزاويين.

هذا ما يحدث في غزة؛ وهو ذات الامر الذي ينفذه نتنياهو ولو بوقائع مختلفة في لبنان. فرغم أن الفترة المضافة على هدنة الستين يوما انتهت، وسيحين موعد توقيت خروج إسرائيل كلياً من جنوب لبنان بعد يوم واحد، (أي غداً الثلاثاء)؛ إلا أنه لم يتم بعد حسم أمر تعهد إسرائيل بتنفيذ انسحابها الكامل والنهائي من الجنوب؛ بل هي لا تزال عند مطلبها بالبقاء في النقاط الخمس داخل الأراضي اللبنانية.

ويوم أمس تعمدت إسرائيل أن توجه بالنار عدة رسائل عن رؤيتها للمراحل المقبلة من اتفاقات وقف النار سواء بغزة أو بلبنان.. ففي غزة قتل الجيش الإسرائيلي أمس ٣ عناصر من شرطة غزة، وهم يحاولون توزيع مساعدات إنسانية؛ وبنفس الوقت قال نتنياهو أن مقترح ترامب بفتح نار جهنم على حماس وبتهجير الغزاويين من القطاع، هو مقترح واقعي؛ ولمح بأنه سيكون هو رؤية إسرائيل الفعلية المستقبلية تجاه غزة…. أما في لبنان فقد اغتالت إسرائيل أمس أحد مسؤولي حزب الله بحسب قولها، رغم حالة الهدنة؛ وتقصدت أن تنفذ عدة عمليات قصف في عمق لبنان وذلك بالتزامن مع إلقاء أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم كلمته.

وفي قناة ١٣ العبرية كان واضحاً بحسب تحليلات مسؤولين وصحافيين إسرائيليين، أن تل أبيب تقصدت أمس أن يتضمن سلوكها العسكري تجاه لبنان ثلاث رسائل هي التالية: 

الرسالة الأولى أن يحدث هذا الاغتيال وهذا القصف للعمق اللبناني قبل يومين من موعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في ١٨ شباط الحالي. والهدف من ذلك القول للبنان أنه حتى لو خرجت إسرائيل من الجنوب فإن عمليات القصف ضد لبنان لن تتوقف؛ وأنه يجب على لبنان أن يعتاد على تطبيقات تفسير إسرائيل لمعنى حقها بالدفاع عن النفس، أي أن يعتاد على أن توجه إسرائيل “ضربات استباقية” لأي هدف تفسره إسرائيل بأنه يشكل خطراً على أمنها.الرسالة الثانية تتمثل بتقصد إسرائيل أن تقوم بعمليات قصف للبنان بنفس الوقت الذي كان فيه الشيخ نعيم قاسم يلقي خطابه؛ وهذه إشارة متعمدة من تل أبيب للقول أن إسرائيل لن تخرج من النقاط الخمس في جنوب لبنان؛ وستستمر بتطبيق اتفاق وقف النار مع لبنان بحسب ورقة الضمانات المرفقة بالاتفاق والمتفق عليها بينها وبين الولايات المتحدث الأميركية.. وتضمن هذه الورقة أن تفسر إسرائيل الاتفاق على نحو يضمن لها تطبيق وجهة نظرها بكيفية حفظ أمنها في لبنان.

الرسالة الثالثة هي استكمال للرسالتين السابقتين ومفادها أن إسرائيل جادة بإستمرار قصفها داخل لبنان في أية لحظة يتولد لديها معلومات عن وجود هدف يشكل خطراً عليها. وضمن هذا المعنى كان واضحاً أن هناك افتعالاً تقصد خلق أجواء توحي بأن إسرائيل اكتشفت أن هناك أهدافاً داخل لبنان تشكل خطراً وذلك بنفس الوقت الذي كان فيه الشيخ قاسم يلقي خطابه؛ والهدف من تزامن هذين الأمرين هو تطيير رسالة للشيخ قاسم تفيد بأن الحديث معه شخصياً بالنار لا يزال وارداً..

وبخصوص هذه الجزئية يجدر استعادة ما نقلته صحيفة إسرائيلية عن أن نتنياهو حرص أن يشاهد شخصياً عبر التلفاز أول خطاب للشيخ نعيم قاسم ألقاه بعد توليه مركز أمين عام حزب الله؛ وخلال إلقاء الشيخ قاسم حينها كلمته حدث تشويش على خطابه؛ فعلق نتنياهو: هذا التشويش يخبرنا كيف سيكون مصيره؟!!

ناصر شرارة

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.