«فورين أفيرز»: إسرائيل تكرر أخطاء أميركا في تغيير النظام وعليها التعلم من تجربة غزو العراق

27

نشرت مجلة “فورين أفيرز” مقالا مشتركا للجنرال السابق ديفيد بترايوس الذي قاد القوات الأمريكية في أفغانستان والقيادة المركزية وسي آي إيه مع ميغان أل أوسوليفان من جامعة هارفارد وريتشارد فونتين، مدير مركز الأمن الأمريكي الجديد، قالوا فيه إن إسرائيل تكرر أخطاء الولايات المتحدة في غزة من أجل تغيير النظام.

فرغم أن إسرائيل لا تصف ما تقوم به في القطاع بأنه عملية تغيير للنظام، وهو المصطلح الذي لم يعد شعبيا بعد حربي العراق وأفغانستان، لكن ما يقوم به الجيش الإسرائيلي هو في الحقيقة عملية تغيير النظام وتفكيك قدرات حماس وحكمها الفعلي لغزة الذي مضى عليه عقدان تقريبا. وقال الكتاب إن الحملة الإسرائيلية في غزة مفهومة لأنها كانت ردا على هجوم حماس في 7 تشرين الأول، تماما كما لم يكن لقادة أمريكا خيار بعد هجمات 9/11 إلا القيام بتغيير للنظام في أفغانستان والإطاحة بطالبان.

ولم تكن أفغانستان المكان الوحيد الذي حاولت فيه أمريكا تغيير الأنظمة، فهناك العراق وليبيا ودعم المعارضة السورية ضد بشار الأسد. وكانت هذه دموية ومكلفة وبدون نجاح كبير. وقالوا إن الحملات الأمريكية السابقة اتسمت بارتكاب أخطاء عدة تقوم إسرائيل اليوم بتكرارها، منها أخطاء صارخة ارتكبتها أمريكا في السنوات الأولى من احتلال العراق. وكما حدث مع أمريكا، فقد بدأت إسرائيل حملتها ضد حماس بدون خطة واضحة ولا رؤية لما سيأتي بعد، أو من سيحل محل حماس.

وكما فعلت أمريكا بعد 9/11 تحركت إسرائيل بشكل حازم وبثمن إنساني فادح من أجل “تطهير المناطق من الإرهابيين”، ليعود إليها المسلحون بعد خروج الجيش الإسرائيلي. وقد عرفت هذه الإستراتيجية بـ “طهر وانسحب”.

وتعرضت إسرائيل لانتقادات دولية أكثر من أمريكا في العراق وأفغانستان بسبب أعداد الضحايا المدنيين. ويرى الكتاب أن إسرائيل تستطيع التعلم من النجاحات الصغيرة للولايات المتحدة في العراق، مثل عملية الدفع بالقوات الأمريكية عام 2007، مع أن المقارنات تظل محدودة الأثر لكنها تطرح الأسئلة الصحيحة.

فحرب المدن صعبة، لكن الدفع بقوات جديدة نجح في تحييد القاعدة والميليشيات الشيعية في الفلوجة والموصل والبصرة وبغداد، وتم تطبيق نفس الإستراتيجية بعد سنوات عدة في الموصل والرقة ضد تنظيم الدولة. وتظل معركة غزة أصعب من تلك المواجهات، نظرا للكثافة السكانية وشبكة الأنفاق التي أنشأتها حماس بطول 350 ميلا.

 

ومع أن إسرائيل نجحت بتفكيك قدرات حماس وكتائبها إلا أن هناك آلافا من مقاتليها الجاهزين للقتال. ولهذا فلن تستطيع إسرائيل تحقيق هدفها بتفكيك حماس عبر القوة المفرطة إلا في حالة منعها من إعادة تنظيم نفسها. فقد تعلمت الولايات المتحدة في العراق أن النتيجة النهائية هي الأهم، فقتل الإرهابيين والمتمردين أو القبض عليهم لا يكفي.

والمفتاح الرئيسي للنجاح وتعزيز المكاسب الأمنية هو من خلال الحفاظ على المناطق وحماية المدنيين وتوفير الحكم والخدمات لهم. ومدخل كهذا يمنع الجماعات المسلحة من الحصول على حاضنة لها بين المدنيين لكي تعيد إعادة بناء نفسها. ففي غزة خاضت إسرائيل عمليات تنظيف ولكنها لم تسيطر على مناطق. وهذا يعكس ما حدث لأمريكا في الفترة ما بين 2003- 2006، حيث قام الجيش الأمريكي بعمليات متقدمة من القواعد العسكرية لكي يواجه أنصار القاعدة والميليشيات الشيعية. وكانت هذه تعيد تنظيم نفسها في اللحظة التي يخرج الأمريكيون من المناطق.

وفي عام 2007، غير الجيش استراتيجيته حيث تحرك من القواعد العسكرية إلى نقاط عسكرية صغيرة وبدأ يفرق بين المسلح والمدني وتوفير الأمن للأخير. فقد كان من الواضح أن الطريقة الوحيدة لتحسين حياة المدنيين وتقديم الخدمات لهم هي العيش بينهم. ولقياس النجاح، ركز العسكريون انتباههم على المدنيين وليس عدد القتلى بين الأعداء، والتفريق بين المجتمعات المتحررة منهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.