فريدمان: بايدن وترامب “روليت روسية بمسدّس محشوّ بالكامل”

63

إيمان شمص

«أساس ميديا»

في رأي الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان أنّ “المرشّحَين حاليّاً للرئاسة الأميركية جو بايدن ودونالد ترامب غير مؤهّلَين لهذا المنصب: فالأوّل رجل طيّب يعاني من تدهور إدراكيّ وجسدي واضح، والآخر رجل سيّئ يكذب بينما يتنفّس، برنامجه الانتقام، وهو في حالته الخاصّة غارق في الانهيار المعرفي”.

يعتقد فريدمان أنّ الاختلاف المهمّ بين المرشحين “هو الفارق بين الديمقراطيين والجمهوريين. والحقيقة هي أنّ حزباً واحداً فقط في نظام الحزبين الأميركي أصبح الآن مستعدّاً للدفاع عن نظامنا الدستوري، بينما الطرف الآخر مهتمّ فقط بالحصول على السلطة والاحتفاظ بها لمجرّد الاستمتاع بها”.

الفراغ الأخلاقي عند الجمهوريين

وفقاً لفريدمان “يتجلّى الفراغ الأخلاقي لدى الحزب الجمهوري بعدّة طرق: لقد جرى تطهير الحزب تقريباً من كلّ سياسي جمهوري غير راغب في الخضوع لزعيمه ترامب، الذي حاول إلغاء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إذ دعت زوجة أحد قضاة المحكمة العليا المعيّنين من قبل الجمهوريين إلى إلغاء نتائج الانتخابات لأسباب زائفة تماماً، وهو ما يظهر مدى قلّة الاحترام التي يكنّها هذا الحزب الآن لمؤسّساتنا المقدّسة. وهي مستعدّة لإعادة ترشيح ترامب على الرغم من أنّ العديد من الذين عملوا معه عن كثب خلال ولايته الأولى حذّروا البلاد في خطاباتهم ومقابلاتهم ومذكّراتهم من أنّه شخص غريب الأطوار وغير أخلاقي ويجب عدم السماح له أبداً بالاقتراب من البيت الأبيض مرّة أخرى”.

يحذّر فريدمان في مقاله الأسبوعي في صحيفة “نيويورك تايمز” من أنّ “أحد أكبر الأخطاء التي قد يرتكبها الأميركيون إذا انتخبوا ترامب مرّة أخرى، هو الافتراض أنّه لأنّنا نجونا قبل أربع سنوات، وهي فترة مخالفة للمعايير والقانون، ومع أنّ سلوكه ينفّر الحلفاء، يمكننا النجاة مرّة أخرى من دون وقوع ضرر لا يمكن إصلاحه”. ويشبّه فريدمان الأمر “بأنّه المعادل السياسي للعبة الروليت الروسية التي إن لعبتها مرّة واحدة ونجوت، فيمكنك لعبها مرّة أخرى”.

.. وهذا جنون، في رأي فريدمان، لكنّه بالتحديد سبب أهمية هذه الانتخابات، وضرورة قيام الحزب الديمقراطي، الذي لا يزال يعطي الأولوية للدفاع عن ديمقراطيتنا، بإنتاج مرشّح رئاسي يتمتّع بالذكاء والحيوية والقدرة على جذب المستقلّين لبناء أغلبية انتخابية للحفاظ على نظامنا الدستوري.

لا شيء آخر مهمّ اليوم على الإطلاق، يضيف فريدمان الذي ينتقد “زعيم الحزب الديمقراطي بايدن، الذي فقد خطوة على المستويين المعرفي والجسدي، لتمسّكه بثباته على الرغم من الدعوات المتزايدة إلى التنحّي”، وينتقد “زوجة بايدن وعائلته، الذين يعرفون بالتأكيد مدى نقاط ضعفه الجسدية والعقلية، لكنّهم لا يحثّونه على الانسحاب غير مدركين للمخاطر التي يمثّلها هذا على البلد وإرث بايدن بأكمله”.

الخشية من فوز بايدن

يخشى فريدمان من فوز بايدن “لأنّنا سنحتاج جميعاً إلى الصلاة من أجل أن يتمكّن من النهوض من السرير كلّ يوم لتنفيذ أجندته كما فعل في الماضي”.

لكنّه يخشى بالمثل من فوز ترامب “لأنّه سيتعيّن علينا جميعاً أن نصلّي من أجل أن يظلّ في السرير طوال اليوم حتى لا يتمكّن من تنفيذ أجندته المتهوّرة المدفوعة في المقام الأوّل بالجانب الذي سيخرج منه من السرير”.

في رأيه “يمكننا أن نفعل ما هو أفضل من هذا، ويجب علينا ذلك. فنحن أمام مفصل تاريخي عميق سيأخذنا في رحلة أفعوانية من تقلّبات سوق العمل، والتقلّبات الجيوسياسية والمناخية، حيث من المتوقّع أن تضرب ثورة الذكاء الاصطناعي سوق وظائف الياقات البيض في السنوات الأربع المقبلة مثل إعصار من الفئة الخامسة. كان إضراب كتّاب هوليوود المطوّل في العام الماضي مجرّد مقدّمة صغيرة لهذه الثورة المزعزعة للاستقرار في العمل الإداري”.

في الوقت نفسه، يضيف فريدمان، “نحن في منتصف عملية تحديد نظام ما بعد الحرب الباردة الذي كانت تهيمن عليه أميركا، وذلك منذ الغزو الروسيّ لأوكرانيا، حيث إنّ إدارة العداء الروسي الصيني المتزايد لأميركا والمتحالف مع جهات فاعلة خبيثة مثل إيران وكوريا الشمالية، وجهات فاعلة غير حكومية ذات قوّة فائقة مثل حماس والحوثيين والحزب، لن تتطلّب قيادة أميركية حكيمة جدّية فحسب، بل وزعيماً أميركياً قادراً على تشكيل تحالفات متعدّدة…. وإلّا فسنُترك تحت رحمة فلاديمير بوتين”.

وفقاً لفريدمان “قد تكون القرارات التي نتّخذها في السنوات الأربع المقبلة الفرصة الأخيرة لتجنّب ما لا يمكن السيطرة عليه”. ويكتب أنّ أميركا تحتاج اليوم أكثر من أيّ وقت مضى إلى قيادة حكيمة وقويّة. ويتساءل:

– هل يعتقد مسؤولو حملة بايدن وقادة الحزب الديمقراطي الذين يطلبون منه الصمود، أنّه في غضون عامين ستكون لديه القدرة على القيام بمهمّة الرئيس الصارمة، بكلّ ضغوطها، حتى في الأيام المناسبة؟

– هل يمكن أن تتخيّل نظريّات المؤامرة التي سيتمّ تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي وفوكس نيوز لمعرفة من يتّخذ القرارات في البيت الأبيض في عهد بايدن عندما يرى الناس، في غضون عامين، رئيساً أكثر ضعفاً جسدياً ولفظياً؟

– والأمر نفسه بالنسبة لترامب. ماذا سيعني بالنسبة لأميركا في عصر الذكاء الاصطناعي أن يكون هناك رئيس أقسم في شهادة خطّية في قضية أمام المحكمة عام 2022، إنّه “منذ الأول من كانون الثاني 2010 على الأقلّ، لم يتواصل عبر البريد الإلكتروني، أو الرسائل النصّية، أو غير ذلك من وسائل الاتصال الرقمية”؟

– ماذا يعني أن يكون لديك رئيس متشكّك في تغيّر المناخ ومحبّ للنفط الخام عندما كان ما يقرب من 70 مليون أميركي تحت إنذارات الحرارة يوم الأحد الماضي الذي وصلت فيه درجات الحرارة في لاس فيغاس إلى 120 درجة لأوّل مرّة في التاريخ المسجّل؟

– ماذا سيعني في عصر لا يمكن فيه حلّ مشكلة كبيرة من قبل دولة واحدة بمفردها، سواء كان ذلك التخفيف من تغيّر المناخ، أو تنظيم الذكاء الاصطناعي، أو التعامل مع الهجرات العالمية الضخمة، أو مواجهة الانتشار النووي، أن يكون هناك رئيس يؤمن بأميركا أوّلاً وفقط، وأنّ معظم الحلفاء مستغلّون، وأنّ الرسوم الجمركية الأميركية تدفعها الصين، وليس مجتمع المستهلكين الأميركيين، وأنّ المؤسّسات العالمية المتعدّدة الأطراف، الناتو ومنظمة التجارة العالمية والاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، هي مزيج من “أنصار العولمة” العديمي الفائدة؟

يخلص إلى القول: بالطبع سأصوّت لبايدن إذا كان مرشّح الحزب الديمقراطي. علينا أن نفعل كلّ ما في وسعنا لوقف ترامب. فديمقراطيتنا قد لا تنجو من أربع سنوات أخرى مع شعور ترامب بالإفلات من العقاب الذي تعزّزه المحكمة العليا ومستويات التوتّر الذاتي الناجمة عن ولاية ثانية له والضغوط الخارجية المتراكمة حولنا. سيكون هذا بمنزلة لعب الروليت الروسية مرّة أخرى، لكن هذه المرّة بمسدّس محشو بالكامل.

إيمان شمص

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.