فحيلي لـ”الشرق” صندوق النقد الدولي لا يطلب شطب الودائع وليست أصلاً من صلاحيته وتعديل الدولار المصرفي يلفه الضبابية

61

كتبت ريتا شمعون:

لا شيء يدعو الى المفاجأة، في كلام رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إرنستو راميريزالذي قام بزيارة لبنان على رأس وفد من الصندوق منذ حوالى الأسبوعين عندما كشف أنه لا تزال الودائع المصرفية مجمّدة والقطاع المصرفي غير قادر على توفير الإئتمان للإقتصاد، إذ لا تتمكن الحكومة والبرلمان من ايجاد حلّ للأزمة المصرفية، ولا شكّ ان المسؤول الأول عن هذه الأزمة هي الدولة والقطاع المصرفي، لكن اذا أردنا ان نتطلع الى تعاميم مصرف لبنان منذ بدء الأزمة في العام 2019 نرى أنها لن تقطف ثمارها إذ يبدو ان الطريق غير سالكة حتى أمام مشروع ردّ الودائع الصغيرة تحت اﻟ100 ألف دولار على رغم تاكيد الحكومة على اعادتها بالكامل.

خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد الدكتور محمد فحيلي يكشف في حديث لجريدة  “الشرق” عن آخر المعطيات حول التعميم 166، ومعطيات مالية أخرى متعلقة بخطة صندوق النقد الدولي.

في الواقع يقول فحيلي، حتى هذه اللحظة تقاتل غالبية المصارف لمحاولة تأجيل كل ما يرتبط بتعاميم حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، سواء بما يخص التعميم 166 الذي يسمح للمودع بسحب 150 دولاراً أميركيا نقدا من حسابه، أو لجهة التعميم 682 الذي حدّد السقف الأعلى للإستفادة من أحكام التعميم 158 الذي يتيح للمودعين سحب 300 أو 400 دولار شهريا من ودائعهم الدولارية، مشيرا الى ان التعميم 166 الذي طوى صفحة التعميم 151 وفرض على المصارف تسديد 150 دولاراً نقدا لم تلتزم بتطبيقه، فالمصارف تنقسم بين متعاون ومطبق للتعميم، ومتمنع عن تطبيقه، على الرغم من أن قانون النقد والتسليف يلزمها بالإمتثال الى تعاميم المركزي، لكن للأسف، لم تمتثل المصارف لتعاميم مصرف لبنان بالكامل في ظل غياب شبه تام للجنة الرقابة على المصارف، وهيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان، أما المصارف التي امتثلت للأمر المذكور فنسبتها خجولة جدا.

ووفق فحيلي، نجح مصرف لبنان باختبار قدرة السوق على التاقلم مع سعر 89500 ليرة للدولار الواحد وانسحب تلقائيا على فواتير الكهرباء والإتصالات، وقد لمس المواطنون تحسنا ملحوظا في الخدمات، لجهة زيادة ساعات التغذية في التيار الكهربائي، إذ حققت الخزينة فائضا أسهم في الإستقرار النقدي الذي يعيشه اللبنانيون، وهذا الفائض يعود الى الإرتفاع الكبير في ايرادات الخزينة، معتبرا أن هذا الإرتفاع ناتج عن تصحيح سعر الصرف.

لدى سؤالنا الدكتور فحيلي، أنه وبعد تأكيد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن سعر الدولار المصرفي سيكون أكثر من 15 ألف، خلال لقاء تلفزيوني في 2 ايار الماضي  وبعد صدور التعميم 167 الذي نصّ على احتساب ميزانيات المصارف أي موجوداتها ومطلوباتها على سعر الصرف الرائج أي 89500 ليرة حاليا، يؤكد فحيلي، في هذه الحال أنه من المفترض أن يكون سعر صرف اﻟ15 ألف المحدد للقطاع المصرفي قد انتهى، بعد صدور التعميم 167، ليصبح سعر الدولار المصرفي ( المحلي) 89500 ليرة، ولكن يبدو أنه صعب التنفيذ في الوقت الحاضر، إذ يلف الضباب موعد تعديل سعر الدولار المصرفي، ما يعني أن الموضوع ما زال عالقا بين حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وبين الحكومة، فمنصوري يرفض التدخل في هذا الأمر، معتبرا أن القرار عند السلطة التنفيذية، المصارف من جهتها تحصنت بهذا الأمر، حيث توقفت العديد من المصارف عن صرف الأموال بموجب سعر 15 ألف ليرة، مصارف اخرى اعتمدت تعليق العمل بالدولار المصرفي وفق سعر 15 ألف ليرة، مضيفا: الخوف عندئذ أن تقوم بعض المصارف بسداد جزء من الوديعة للمودع على السعر المنخفض أي لـ15 ألف ليرة في حين يعتمد مصرف لبنان سعر الصرف على اساس 89500 ليرة مقابل الدولار في تعاملاته مع المصارف.

يرفض فحيلي، الإتهامات الموجهة لصندوق النقد الدولي احتجاجا على فكرة شطب الودائع، معتبرا أن أي تحرك تقوم به جمعيات المودعين أمام مكتب بعثة صندوق النقد الدولي بهذا الإتجاه  دعسة ناقصة، وأضاف: الصندوق لا يطلب شطب الودائع، لا بل يرى فيه فحيلي، أداة لإنقاذ لبنان واقتصاده، إنه يطلب أن يضع لبنان على طريق التعافي في خلال مواجهة الواقع.

وما يستحق الإنتباه في بيانات صندوق النقد الدولي حول لبنان منذ توقيع الإتفاق المبدئي بين لبنان ووفد الصندوق، هو ان الصندوق يريد تصويب الأداء والقيام بالإصلاحات لأنها غير كافية للمساعدة في انتشال البلاد من أزمتها، لافتا الى ان مسألة شطب الودائع ليست مطروحة وليست أصلاً من صلاحية صندوق النقد، أن من يتخذ هكذا قرار هو السلطة اللبنانية سواء التنفيذية او التشريعية الحاكمة والمتحكمة في البلاد.

وحول قضية الودائع، أضاف أن على السلطة السياسية ان تضع الحلول الواقعية والمطمئتة بعيدا عن الشعبوية لا ان توهم الناس بردّ ودائعهم، مشيرا الى ان المكان الطبيعي للوادئع هي الحسابات المصرفية، مشددا على ضرورة طمأنة المودعين على أموالهم والسماح لهم باستعمال جزء منها وفق الحاجة، غير ذلك يبقى كلاما شعبويا.

ويرى أن إعادة ضمانة الودائع تبدأ باعادة هيكلة المصارف بين قادرة على الإستمرار ومصارف عاجزة عن ذلك وتأمين المال لدعم رأسمال المصارف، هنا يمكن لمصرف لبنان ان يحرك هذا الموضوع بوضع آلية لتسييل جزء من موجودات وأصول المصارف المتعثرة أو قيد التصفية.

وختم قائلاً: الحقيقة هي ان المسؤولية تقع على الطبقة السياسية الفاشلة، من يريد خير الناس من السياسيين يجب أن يقدم طرحا منطقيا لاسترداد الودائع، المطلوب اليوم وقف الكذب على الناس وعلى المودعين، مؤكدا أن هذه الطبقة السياسية لا يهمها قضية المودعين ولا غيرها من القضايا التي تهم الناس.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.