علامة لـ «الشرق» قرار الرئيس الأميركي بوقف المساعدات جاء ملتبساً ويشكّل مزيداً من الضغط الإقتصادي والبيان الوزاري واضح وتطبيقه يستغرق وقتاً
كتبت ريتا شمعون
الشرق – وصل الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض وأول ما فعله هو وقف المساعدات الى كل دول العالم، باستثناء مصر وإسرائيل.فالرئيس ترامب قال بوضوح: «إن الولايات المتحدة لن توزع الأموال بشكل أعمى دون عائد للشعب الأميركي «.
وعليه، أوقف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، جميع المساعدات الخارجية الأميركية الممولة من قبل أو من خلال وزارة الخارجية والوكالة الأميركية الدولية بهدف مراجعتها.
فبعد ان كانت الولايات المتحدة واحدة من اكبر المانحين في القطاعين الإنساني والتنموي والقطاع العسكري في لبنان، سحبت يدها من أي تمويل ، حيث شكل القرار صدمة لنحو 2000 موظف يعملون في USAID باتوا اليوم من دون عمل إثر القرار الأميركي وبلبلة واسعة بين المنظمات غير الحكومية في لبنان لا سيما الممولة من USAID .
ففي العام 2023 تلقىّ لبنان حوالى 500 مليون دولار أميركي من المساعدات الأميركية، والتمويل الذي طلبت الUSAID تخصيصه لملف المساعدات الأميركية في لبنان للعام 2025 بقيمة 72 مليونا و245 ألف دولار سيعلّق ربطا بقرار الرئيس ترامب التنفيذي.
إذاً تفضلوا الى بناء الدولة ، ولسنا بحاجة الى « الشحادة من أحد» تفضلوا الى بناء دولة تتعزز فيها قدرات الخزينة المالية بانتهاج سياسة رشيدة لتعزيز الإيرادات حفاظا على ملاءة تؤمن الإستقرار المالي، ويتطلب ذلك تفعيل الجباية والإصلاح الضريبي والجمركي ومكافحة الهدر والإقتصاد غير الشرعي والتهريب كما جاء في البيان الوزاري لحكومة سلام. والشروع بعمل التفتيش والقضاء والمحاسبة، والإصلاح، العنوان الأساسي للمرحلة الراهنة في لبنان، بحسب وزير المال ياسين جابر الذي أكد أن الحكومة الجديدة مصممة وجادّة في موضوع الإصلاح لإنقاذ لبنان. في أي حال، بدات التساؤلات تطرح حول تداعيات خطوة الرئيس ترامب على الإقتصاد المحلي، نتيجة عدم ضخ الأموال في الداخل وترك آلاف الموظفين من دون عمل.
الدكتور بلال علامة المتخصص المالي والإقتصادي، يعتبر في حديث لجريدة» الشرق» أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوقف المساعدات الى لبنان ثلاثة أشهر لمراجعتها مشترطا على اللبنانيين تقديم الإنجازات أولا، جاء ملتبسا، خصوصا أن وقف مشاريع USAID في لبنان سيطاول كل العاملين والمشاريع المعروفة والممولة من الولايات المتحدة الأميركية، ويعطل عمل المشاريع المشتركة للبلديات مع USAID، وجزء مهم من وزارة التربية سيتأثر بدءا من تجهيز المدارس في المناطق سواء على مستوى الطاقة أو التجهيزات المدرسية، بالإضافة الى أنه ستتوقف جميع النفقات في عدد من الجامعات التي كانت تغطيها USAID بما فيها الأقساط الجامعية، فهناك آلاف الطلاب ستتوقف عنهم المنح الدراسية، في جامعات مهمة مثل الجامعة الأميركية ، لافتا الى أن حجم المساعدات الأميركية للبنان لا يتعدّى 125 مليون دولار أميركي سنويا ، معتبرا أن الإنجازات التي يطلبها الرئيس ترامب من لبنان يعني «للأسف «مزيدا من التنازلات والتسليم بالهزيمة والإقرار بالطريقة التي يراها العدو الإسرائيلي مناسبة ومنها تمادي إسرائيل في التنصل من التزاماتها باتفاق وقف إطلاق النار ومواصلة إعتداءاتها وخروقاتها.
كما يشكل هذا القرار « المتسرّع» مزيدا من الضغط الإقتصادي والإجتماعي على الواقع اللبناني، مضيفا: قد يتأثر آلاف العائلات في لبنان مباشرة بقرار الخارجية الأميركية بوقف جميع المساعدات، ويطال الأمر موظفين في جمعيات محلية غير حكومية تتلقى التمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ويعتقد علامة، أن الولايات المتحدة الأميركية إستثنت الجيش اللبناني من قرار وقف المساعدات خصوصا أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قد أعلنت بأنها ستحول مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليون دولار الى لبنان بعد ان كانت مخصصة لمصر، في إطار إلتزامها بدعم التسوية التي أدّت الى وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، في المقابل، التزام الحكومة بتحرير جميع الأراضي اللبنانية ووجوب إحتكار الدولة لحمل السلاح، وتكون هي صاحبة القرار الحصري في إعلان الحرب أو إقرار السلام، أما موضوع تسليم سلاح الحزب للدولة اللبنانية هذا شأن داخلي قد يكون الحلّ باستراتيجية دفاعية وقد يستغرق بعض الوقت. وأضاف، لا شك أن القرار سياسي يتعلق بدول العالم الثالث ولا سيما فلسطين وقطاع غزة، والمنظمات الدولية التي تساهم في تنميتها والتي تمولها الولايات المتحدة الأميركية مثل منظمة الصحة العالمية، والأونروا وغيرها من المنظمات الدولية التابعة للبنك الدولي. ويقول علامة في البيان الوزاري، أن البيان جاء واضحا لجهة الإصلاحات، مؤكدا أن حكومة سلام قادرة على إتخاذ خطوات مالية وإقتصادية في هذا الإتجاه، مشيرا الى ان الحلول للأزمة الإقتصادية المستمرة في البلاد منذ سنوات التي عجزت عنها الحكومات السابقة عن حلّها ، فالحلول ليست حلولاً سحرية أو « بكبسة زر» خصوصا إذا أخذنا في الإعتبار الإستحقاقات الدستورية وتركيز الحكومة على إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في أيار المقبل، ولاحقا إجراء الإنتخابات النيابية في أيار من العام 2026، عوامل قد تؤدي الى التأخير في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من إعادة هيكلة القطاع العام، الى إستقلالية القضاء، والإصلاح المصرفي. وتابع علامة، لا يمكننا الخروج من الأزمة الإقتصادية المزرية إلاّ بعملية إصلاحية متكاملة، ولا سيما أن القوانين الدستورية جاهزة ويلزم تطبيقها فقط، مؤكدا ان المهام كبيرة تستغرق وقتا لإنجازها ولكنها ليست مستحيلة، لافتا الى ان حكومة الرئيس سلام تحدياتها كبيرة ولديها إستحقاقات داهمة منها التعيينات الإدارية بالمراكز الشاغرة ، الإنتخابات البلدية والإختيارية والإنتخابات النيابية رافضا وصفها « حكومة الوقت القصير» عمليا تشكلت من 24 وزيرا من الإختصاصيين بمهمة إنقاذية واصلاحية وفاعلة متمنيا عليها تكثيف جلساتها واتخاذ الإجراءات اللازمة وحث الإدارات والمؤسسات العامة والهيئات الرقابية على تنقيذ مقرراتها . وفنّد البنود الإصلاحية المطلوبة من الحكومة:
إستقلالية القضاء
إعادة هيكلة القطاع العام التي تفسح المجال أمام الإستغناء عن مؤسسات حكومية لم يعد لوجودها مبرر سياسة أجور متوازنة ومناسبة إصلاح النظام الضريبي إعادة هيكلة المالية بشكل كلّي ملء الشغور من خلال مجلس الخدمة المدنية مع التركيز على الكفاءات الأساسية العلمية ولتطبيق تلك البنود، نحن بحاجة الى الإستعانة بشركات متخصصة إستشارية مساعدة بالإضافة الى استكمال التدقيق الجنائي المالي في حسابات مصرف لبنان وفي الوزارات كافة كي يتم تحدبد مكامن الخلل ومعالجتها. يبقى الموضوع الأهم، وفق علامة، إستعادة أموال المودعين، لافتا الى ان النظام المصرفي في لبنان يحتاج الى إعادة هيكلة كاملة، لأن ذلك غير مقبول، مضيفا: أن معالجة هذا الموضوع لن تكون على حسابهم، بل يجب أن يتصدر إهتمامات الحكومة الجديدة لإيجاد حلّ مناسب، وبرأيي من دون تحديد المسؤولبات وتحملها لن يكون هناك حلّ جذري لأزمة المودعين.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.