طالما لا وقف للنّار في غزة: السباق في «أمتاره الأخيرة» بين الخيارين السياسي والعسكري!

12

طوني جبران
الشرق – لا يحتمل الوعد الذي قطعه وزير الخارجية البريطانية ديفيد لامي بزيارة قريبة يقوم بها الى بيروت في اثناء الاتصال الهاتفي الذي أجراه أول أمس مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، أي اهمية تذكر في ظل الوعود التي لم تترجم يوما في الطريق الى تخفيض التصعيد في المنطقة وصولا الى تسوية سياسية تحمي اي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة ليكون ثابتا ودائما، لينعكس على باقي الجبهات المفتوحة ويحول دون توسعها الى تلك المرشحة، ان تمددت العمليات العسكرية باتجاه جنوب لبنان. وهي عملية لم تعد تشكل اي مفاجأة في ظل عمليات استعراض القوة التي تسابق على ممارستها طرفا الصراع. وتفسيرا لهذه المعادلة، التي اطلعت «المركزية» على عناوين اساسية منها، وهي تنذر بامكان ان يقع المحظور دوليا في اي لحظة. وهو ما أشارت إليه تقارير عدة جمعت من أكثر من عاصمة شهدت مداولات دقيقة تحدثت عن العقبات التي تعيق اي تفاهم محتمل في وقت قريب الى درجة أسقطت وعودا قطعت بتسهيل التوصل الى مرحلة التهدئة وخفض التصعيد التدريجي الذي نسجت من اجله السيناريوهات التي انتهت إليها المشاورات الدائرة في أكثر من عاصمة مؤثرة ولا سيما ما بين واشنطن وتل أبيب بدعم مباشر وبكل القدرات الممكنة من عواصم خليجية، لا سيما الرياض والدوحة ومعهما القاهرة التي جندت قدراتها الى درجة دفعت بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى إجراء تعديل حكومي تمنته عواصم عدة قبل ان يتجاوب معها بطريقة سلسة للغاية وترجمها على خلفية المحاسبة التي لا بد منها لكل من ارتكب أخطاء اقتصادية وديبلوماسية داخلية وخارجية افضت الى تجهيز طاقم جديد يحاكي المرحلة المقبلة داخليا واقليميا ودوليا. ولفتت المعلومات التي تسربت من صالونات سياسية وديبلوماسية ضيقة للغاية، وقد تعمد موفدون من هويات مختلفة نقلها إلى بيروت بوسائل متعددة، وهي تقول في عنوانها العريض بـ «ان الحرب التي يحذر منها الجميع لا موعد، ولا ساعة صفر لها». ولذلك «قد تقع بين ساعة وأخرى ان ارتكب أي خطأ قد لا يكون متعمدا». ولكنه سيكون كافيا «يؤدي الى «خروج ما يجري عن قواعد الاشتباك المعتمدة بعدما تمددت هوامشها الى درجات حساسة تنذر بان تتحول بطريقة رجراجة ومطاطة الى ما لا يحمد عقباه». وربطت المعلومات هذه البدايات بما يمهد لها من «عمليات امنية نوعية» بدأت تطل بقرنها، على الرغم من الضغوط الدولية والأميركية الهادفة إلى تجنبها. ولكن المخاوف باتت جدية من ان تكون اكثر ايلاما بعدما طالت الاغتيالات الاسرائيلية رؤوسا وقادة من «حزب الله»، كان يعتقد ان المس بها يمكن ان يعتبر من الخطوط الحمر التي لا يمكن تجاوزها وقد تؤدي الى الخروج عن قواعد الاشتباك المعتمدة، ولكن ذلك لم يحصل حتى اللحظة ولكن ذلك لا يعني أنها ستشكل قاعدة ثابتة ونهائية. وعليه، قالت المعلومات التي بلغت «المركزية» ان هذه السيناريوهات ليست جديدة، وهي بما أشارت إليه من توقعات تسربت قبل أيام قليلة مما يجري في غزة والجنوب. وهي اتت بعد انتهاء زيارات وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت الى واشنطن، وقبله ومعه كبار القادة العسكريين، وكانت تحتاج الى ما يثبت مصداقيتها والتدقيق في إمكان حصولها. فجاءت الإجراءات الاسرائيلية وتلك المعتمدة من قبل قيادة «حزب الله» تؤكدها، وهو ما ترجمته الرسائل التي حملتها طائرات «الهدهد» بنسختها الثانية. وما زاد في الطين المواقف التصعيدية لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الذي امعن في اعاقة المفاوضات الاخيرة بالمزيد من شروطه التعجيزية التي يمكن ان تفجرها وتنهي الجهود المبذولة في لقاءات القاهرة والدوحة بالتزامن مع مسلسل المجازر المرتكبة في قطاع غزة والتي احيت في ذاكرة الفلسطينيين والعالم تلك التي ارتكبت في اوج المعركة وقبل الحديث عن قرب الإنتهاء من معركة رفح والظن بتفكيك قدرات «حماس» العسكرية، وقد تناسوا ان الحرب في القطاع لم تعد منذ شهرها الثاني محصورة بـ «حماس» لوحدها بعدما انخرطت فيها المنظمات الفلسطينية كافة بدون استثناء ولم يعد هناك اي احتكار يمكن ان تدعيه في الدفاع عن القطاع بعدما تحولت المعركة من قضية محصورة بها وتحولت قضية وطنية جمعت كل من هو قادر على حمل السلاح ويتقن القتال في خنادق وشوارع القطاع وهو ما أعاد المواجهات الدموية الى مناطق اعتقد البعض انها باتت آمنة ولا سيما في شمال القطاع ووسطه ومدينة غزة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.