صعوبة الانقلاب الشّيعيّ: تهريبة رئاسيّة… هذه تفاصيلها(2/2)

66

بقلم جان عزيز

«اساس ميديا»

نعم، صحيح أنّ هناك محاولة لتهريبة رئاسية في 9 كانون الثاني المقبل.

يعترف أحد المتابعين البارزين لحركة “الثنائي الشيعي” من داخله.

لكنْ من الظلم تحميل هذه المحاولة للشيعة.

ومن شبه المستحيل أن تؤدّي إلى قيام نظام “شيعية سياسية”، ما من شيعي يريده.  

أمّا التفاصيل فليست تفصيلاً على الإطلاق.

 يقول المتابع لحركة الثنائي الشيعي رئاسياً إنّ عنوان المحاولة بات معروفاً ومكشوفاً. ألا وهو العمل على ضابط متقاعد رئيساً بعد الأعياد، هديّة وهمية من أصحاب المحاولة إلى أركان الثنائي.

لكنّ المتابع نفسه يسارع إلى الجزم أنّ هذا المسعى ليس شيعياً، ولا هو حتى بقرار من الثنائي الشيعي. ويكشف: صحيح أنّ بين القائمين الأساسيين به قريبين من الرئيس نبيه بري، لكنّ معهم على سبيل المثال شخصيّتين أرثوذكسيّتين هما الأكثر نشاطاً لتسويق “التهريبة” دبلوماسياً، بدوافع عدّة تراوح بين مصالح فردية وحسابات ثارات شخصية، على بعض أيديولوجيات بائدة رافضة لكلّ ما هو لبناني.

ومعهم حتى، ولو من باب الرضى الصامت، بعض الأميركيين، وتحديداً الموفد الرئاسي آموس هوكستين، وأيضاً لأسباب متشعّبة، منها إقناعه من فريق التسويق البيروتي بأنّه هكذا يردُّ الجميل للّذي منحه ومنح إسرائيل “إنجازين تاريخيَّين باتّفاقَي البحر والبرّ”.

ومنها ربّما اقتناعه بأنّ هذا هو أفضل الممكن، ولا لزوم لوجع الرأس من أجل بضعة لبنانيين عاجزين، فيما هو يوضّب حقائبه لتسلّم عمله الجديد المربح، بين الإمارات وأنغولا.

ومنها أخيراً الهمسُ المتسرّب أميركياً عن محاولة البعض في إدارة الرئيس جو بايدن تفخيخ تصوّرات الرئيس المُنتخَب دونالد ترامب، واستباقه بتركيبة لبنانية متفجّرة فاشلة وقاتلة لأيّ مشروع لاحق لحلٍّ فعليّ.

زواج شيعيّ أرثوذكسيّ يهوديّ

المهمّ أنّه نتيجة هذا الزواج الشيعي – الأرثوذكسي – اليهودي، وُلدت فكرة هذه “التهريبة”.

لكن لماذا يُظلمُ الرجلُ بحشره في أمر كهذا؟

يلتقي المتابع للثنائي كما القطب المعارض له، على الجزم بصعوبةٍ تُلامس الاستحالة لتمرير تهريبة كهذه.

ذلك أنّ ثلاثة تطوّرات مفصلية باتت ترعى المشهد اللبناني، العامّ كما الرئاسي:

أوّلاً، موازين قوى لبنانية داخلية متكافئة لا تسمح لأيّ طرف بأيّ نصر أحاديّ. تكفي الإشارة إلى أنّه رئاسياً ثمة منصّة مارونية ضابطة، ولو افتراضية. وهي مكوّنة من الأقطاب الأربعة ومعهم بكركي. ومقاصّةُ تلك المنصّة راجحة بأكثرية وازنة ضدّ التهريبة الرئاسية. حتى جبران باسيل. وللتدليل على ذلك يذكّر العارفون بفيتو ميشال عون ضدّ تعيينه قائداً للجيش بعد انتخاب ميشال سليمان. وهو الفيتو الذي لم يتزحزح يومها، ولو أدّى إلى ترك اليرزة شاغرة طوال الولاية.

ثانياً، هناك التطوّر السوري. وهو حدث متدحرج بشكل انهياريّ هائل مذهل، بما لا يسمح لأيّ وهمٍ لبناني بتهريبٍ أو قنصٍ أو رئيس خلسة.

بل يقتضي الآن الآن وفوراً مسارعةً لبنانيةً جامعةً شاملةً إلى استنفار كامل لحماية لبنان من تداعيات ما يحصل في سوريا.

تماماً كما قال الرئيس بري في رسالته التاريخية يوم إعلانه وقف النار. فكيف وقد أُضيف إلى هاجس الجنوب والعدوّ الصهيوني، هواجس الشمال والشرق، وذكريات حيّة لم يمرّ عليها زمن، عن أهوال المتطرّفين والإرهابيين.

وهو ما يعني أنّ رئيس الـ65 صوتاً “بِحْلاش الحمّص”، كما يقول اللبناني، سيكون رئيس تفجير لبنان وسقوطه، بعد “حصاد حمْص”، كما يُرتقب ويُخشى.

التّحذير الأميركيّ العلنيّ

يبقى ثالثاً التطوّر الأميركي البارز. وهو ما عبّر عنه بشكل خطّي مفصّل ومسهب كبير مستشاري ترامب لشؤون منطقتنا، مسعد بولس، في مقابلته مع مجلّة “لوبوان” الفرنسية. واختيار الوسيلة الإعلامية ليس صدفة ولا تفصيلاً بلا معنى، خصوصاً في ظلّ شائعات عن “تراخٍ” و”تساهلٍ” فرنسيَّين، نتيجة أوضاع الرئيس إيمانويل ماكرون الداخلية، خصوصاً عشيّة وصول ترامب، ومعه بولس نفسه، للقاء ماكرون على هامش الاحتفال بعودة “سيّدة باريس المقدّسة”.

جوهر كلام بولس ليس في الإشارة إلى ضرورة التريّث الرئاسي، بل في رسمه خارطة طريق لإنقاذ لبنان، على خطّين متطابقين:

– تصحيحُ ما سمّاه “سوء الفهم في المنطلق، وخصوصاً في لبنان”، لكون اتفاق التسوية محصوراً في منطقة جنوب الليطاني. فيما الحقيقة، كما قال بولس، أنّ “هذا غير صحيح إطلاقاً. فهو يعالج البلد كلّه مع نزع سلاح الفصائل المسلّحة كافّة، من ميليشيات كما مجموعات شبه عسكرية”.

– توضيح الهدف الأساسي من احتمال التريّث بانتخاب رئيس، ألا وهو “إنجاز الأمور بشكل صحيح في إطار اتّفاق شامل وكامل”، بحيث لا يؤدّي التسرّع “إلى انتخاب أيٍّ كان وكيفما كان. بل ضمان مشاركة الغالبية المطلقة لممثّلي الشعب اللبناني، لا انتخاب رئيس بـ65 صوتاً فقط”.

والأهمّ أنّه حين سئل بولس عمّا يقصد بـ”اتفاق شامل كامل”، قال بوضوح تفصيليّ إنّه “اتّفاق فيه كلّ الإصلاحات الضرورية لإعادة بناء لبنان، مؤسّساته القضائية والأمنيّة، احترام الديمقراطية والدستور اللبناني، كما تطبيق اتّفاق وقف النار”.

ولا تنتهي خارطة الإنقاذ هنا، بل توّجها بولس بأنّ ما سبق “يقتضي ضرورة امتلاك رؤية ما لمجلس الوزراء (المقبل) ومن يرأسه، ومن هي الأحزاب المتمثّلة، وما هو برنامجه لإعادة الهيكلة، اقتصادياً وضرائبياً، وأخيراً التأكد من أنّ المعارضة، التي تشكّل الآن نصف البرلمان تقريباً، ستكون متمثّلة كما يجب”.

لكلّ ما سبق، يطمئنُ العارفون بأن لا انقلاباتٍ في بيروت. وحتماً لا نظام شيعية سياسية وسط كلّ ما يحصل.

بل على العكس تماماً، المطلوب الآن احتضانُ الشيعة، وحماية الشيعة، وإنقاذ الشيعة، كما التزام ذلك حيال كلّ لبناني مهدّد أو مستهدَف أو مستضعَف أو مستفرَد. وهو واجب كلّ لبناني وكلّ لبنان.

أبعد من العوامل الثلاثة السابق ذكرها، يبقى رهان المتابعين على الرئيس برّي. فهو ساحر القبّعات والأرانب.

جان عزيز

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.