صديق طفولة أحمد الشّرع: علويٌّ ساهم بإسقاط الأسد

23

بقلم إيمان شمص

«أساس ميديا»

مع انفجار الأحداث الدموية في الساحل السوري قبل نحو شهر ونيّف، برز اسم خالد الأحمد، صديق طفولة الرئيس السوري أحمد الشرع، فمن هو هذا الرجل الذي عُيّن أخيراً عضواً في اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهليّ؟ وأيّ دور لعبه قبل إسقاط النظام وبعده؟  

في صباح يوم صيفيّ من عام 2021، عبر رجل أنيق المظهر يُدعى خالد الأحمد من نقطة العبور بين سوريا وتركيا باتّجاه إدلب، التي كانت تخضع يومذاك لسيطرة المعارضة السورية، وذلك بهدف لقاء صديق طفولته أحمد الشرع، حاملاً معه خطّة محورية لتحطيم قبضة بشّار الأسد على سوريا.

أشار عليه الحرّاس بالانتقال إلى منطقةٍ محايدة، حيث كان رجال مُلثّمون ينتظرون في سيّارات دفع رباعي سود لمرافقته إلى وجهته. دقّقوا بسرعة في أوراقه. ثمّ انطلقوا به عبر مخيّمات اللاجئين المزدحمة إلى منزل إسمنتيّ متعدّد الطوابق على أطراف إدلب، حيث كان قائد “هيئة تحرير الشام” في انتظاره.

احتضن الشرع صديقه القديم منذ أيّام الثانوية، ثمّ طبع ثلاث قبلات على خدّيه، وأمضى الرجلان اليوم بأكمله في إدلب، يتناولان الشاورما، ويستذكران طفولتهما، ويتحدّثان عن سيناريوهات ما بعد الأسد. كان الشرع حينها واثقاً من النصر، وأطلع الأحمد على خطط لإعادة إعمار دمشق، فيما وعده الأحمد بتفعيل التواصل مع المؤثّرين لرسم مستقبل محتمل لسوريا. كانت فكرته الأوّلية نوعاً من الفدرالية يضمن وجود الشرع في إدلب ونظاماً جديداً في دمشق.

على وشك الانهيار

ينتمي خالد الأحمد إلى الطائفة العلويّة التي تنحدر منها سلالة الأسد، وكان حتّى عام 2018 مستشاراً مُقرّباً من بشّار الأسد. سلك وصديقه أحمد الشرع منذ مرحلة الشباب مسارين مختلفين تماماً. ارتقى الأحمد إلى منصب بارز في القصر الرئاسي، ولعب دوراً بارزاً في المصالحات الداخلية، وشارك في مفاوضات سرّية مع مسؤولين أميركيين، بينما كان الشرع حينها يخطّط لعمليّات عسكرية ضدّ النظام.

قبل سقوط الأسد بفترة وجيزة، كان خالد الأحمد يعمل مع عدد من المثقّفين السوريين على وثيقة سياسية سُمّيت “الطريق إلى دمشق”، وهو سيناريو مفترض لما بعد سقوط النظام تُضمَن فيه حقوق الأقلّيات.

طلب الأحمد من وسطاء أتراك أن يصلوه بالشرع عام 2021، وذلك بعد شعوره أنّ نظام الأسد بات على وشك الانهيار، وقد أتاحت صلة الصداقة بين الرجلين فرصةً كبيرةً جدّاً للتأثير على ما سيأتي لاحقاً.

عندما بدأ الهجوم على حلب، لجأ الشرع إلى صديقه لتسهيل طريقه. وبالفعل، نقل الأحمد رسالة إلى كبار قادة جيش النظام في المدينة مفادها: لن تلاحقكم قوّات الشرع إذا انسحبتم من مواقعكم. سقطت المدينة بسرعة في يد المعارضة، وتمكّن الأحمد من التفاوض على الخروج الآمن لـ 630 طالباً عسكريّاً من الأكاديمية العسكرية في حلب.

الطّريق مفتوح إلى دمشق

استمرّ التقدّم، وانهارت خطوط النظام بسرعة مذهلة. كان الشرع مستعدّاً للقتال لمدّة عام. لم يتوقّع انهياراً بهذه السرعة. واصل الأحمد الاتّصال بجنرالات النظام، وحضّهم على عدم ترك جنودهم حطباً للنار التي ستأكل كلّ شيء. كان الشرع على اتّصال مباشر معه لحظة بلحظة. وحين سقطت حلب قال له بالحرف: سنجعل سوريا أفضل بلد على الإطلاق.

بعد أيّام قليلة من سقوط حلب، تمكّن الأحمد من الاتّصال بالشرع وإبلاغه بالخبر الذي كان ينتظره: الطريق مفتوح إلى دمشق. سحب قادة الحرس الجمهوري رجالهم. تخلّى الجنود الذين يحمون مكاتب كبار المسؤولين عن مواقعهم. وهرب الأسد إلى موسكو.

كان الأحمد في غاية الفرح عندما أطاح صديقه بالنظام. زاره عدّة مرّات في دمشق، حيث ناقشا الشروط التي يُمكن بموجبها لشخصيّات من النظام القديم إلقاء أسلحتهم. ثمّ لعب دوراً محوريّاً في حماية مناطق العلويين، وفي تهدئة التوتّرات، ثمّ عُيِّن رسمياً ضمن لجنة الحفاظ على السلم الأهليّ، وذلك بقرار من الرئيس السوري أحمد الشرع، عقب الأحداث الدامية التي شهدتها بعض المناطق في الساحل السوري ذات الغالبية العلويّة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.