شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – هل واشنطن عاجزة عن وقف الحرب؟!

34

أعرب أحد السفراء العرب عن عدم اقتناعه بأن الولايات المتحدة الأميركية عاجزة عن وقف الحرب على غزة «التي ليست حرباً بقدر ما هي مجزرة دموية مفتوحة»، والتعبير له، وقد ورد في حديثه خلال مأدبة عشاء أقامه تكريماً له أحد أصدقائه اللبنانيين في دارته الجبلي أخيراً. وبدا السفير متشائماً مرّتين بالنسبة الى لبنان، مرة أولى لأن احتمالات اتساع رقعة الصراع في الجنوب الى «نقطة قد يتعذر فيها الرجوع» باتت واضحة، والثانية الى «صعوبة فكفكة العقد» التي تعترض سبيل إجراء الانتخابات الرئاسية في المستقبل المنظور، بل لعلها باتت متعذرة. السفير الذي كان يشغل مواقع مهمة في بلده قبل أن يعين سفيراً في لبنان أخضع نفسه لسلسلة دقيقة من الأسئلة الصعبة، ومن خلال أجوبته يمكن ذكر البعض مما قال:
* لا أصدق أن واشنطن تريد فعلاً وضع حد للحرب على غزة، فهي تريد الانتهاء من حركة حماس، وفي معلومات بلدي أنها عندما درست مع الإسرائيلي الرد على ذلك السابع من تشرين كانت على ثقة بأن نتنياهو سيحسمها في مدة أدناها ستة أسابيع وأقصاها ثمانية، ولكنها فوجئت بصمود المقاومة «غير المتوقَّع» بهذا القدر عمدت، بدايةً، الى مدّ الاحتلال بما نسميه في لغتنا الديبلوماسية «الدعم المفتوح»، أي بلا حدود. وعندما ارتفع صوت الشارع وانعكس جليّاً في الإعلام بدأت «تفرمل» (كما تقولون في لبنان) اندفاعتها، ولكنها لم توقفها.
* أنا أجزم بما يعرفه أو لا يعرفه الكثيرون أن وسائل الضغط الأميركي على إسرائيل أكثر فاعلية من الضغط الذي يمارسه اللوبي اليهودي على البيت الأبيض، إلّا أن إدارة الرئيس جو بايدن عينها الأولى على الشارع وقلبها مع إسرائيل وعينها الثانية على المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وبالتالي تتحكم المعركة الرئاسية في القرارات التي تُتخذ في المكتب البيضاوي، لاسيما أن الإدارة الحالية «تعج» باليهود الصهاينة من وزير الخارجية أنطوني بلينكن الى الموفد الرئاسي عاموس هوكشتاين والعديدون بينهما من المسؤولين، وهؤلاء هواهم مع الصهاينة.
* وعلى صعيد جبهة الجنوب قال السفير العربي أن الأميركي ينظر الى حزب الله بنظرة لا تختلف عن نظرته الى حماس، ولكنه يقيم حساباً جدياً لانفلات «حرب المشاغلة» الى حرب إقليمية واسعة النطاق «قد تستجر» الصين وروسيا الى منطقة الشرق الأوسط، وهو ما تترتب عليه محاذير كبرى. ثم إن واشنطن تقدّر أن الجمهورية الإسلامية في إيران تدعم حماس بقوة واضحة للعيان لكنها لن تخوض، مباشرةً، الحرب من أجل غزة، إلّا أنها قد تخوضها على الأرجح إذا لمست أن خطراً حقيقياً يحيق بالحزب، وهي (واشنطن) ليست في وارد مواجهة حرب من هذا النوع، في هذه المرحلة، لاسيما أنها منهمكة بوقف المدّ الاقتصادي الصيني والحفاظ على عالمية التعامل بالدولار(…).
* أمّا بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي في لبنان فكان للسفير العربي مداخلة طويلة خلاصتها أن لا جديداً يدعو الى التفاؤل، وأن سفراء «الخماسية» يتحركون في الوقت الضائع من دون أن يكون قد توافر لديهم أي عنصر جديد. وتوجه السفير الى الصحافي الوحيد الذي كان حاضراً المناسبة بالقول: أنا معك في ما تكتبه من أنه لا يُنتَظَر أي شيء من الخماسية ما لم يباشر وزراء خارجية الدول الخمس اجتماعات مكثّفة، عندئذٍ يمكن التمسك ببصيص أمل بأنهم توصلوا الى اتفاق على «الاسم»، أما الآن فهم يعرفون، فقط، مَن لا يريدون في قصر بعبدا. والمشوار طويل.

khalilelkhoury@elshark.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.