شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – مَن يوقف «رسائل» هذا التصعيد المتبادَل؟
تشهد الجبهة اللبنانية (وبالتأكيد حرب الإبادة على غزة وقطاعها) تصعيداً مروّعاً، بالغ الخطورة والتداعيات، ما يضع لبنان كلّه في نيران هذه الحرب المجنونة التي يشنها العدو الإسرائيلي على لبنان والتي تتمادى، يومياً، من دون أي توقف. ولقد بات واضحاً أن ارتفاع سعيرها لا يكتفي بحصد أرواح الشهداء الأبرار وحسب، إنما ينذر بأن يلتهم الهشيم اللبناني، الذي لا يحتاج الى المزيد ليندلع على امتداد جغرافية الوطن.
وأكثر ما يثير المخاوف (ولنعترف بصراحة موجعة) هو هذا الفلتان في الغليان على مواقع التواصل الاجتماعي الذي لسنا نعرف متى ينتقل من الفضاء الافتراضي الى أرض الواقع، وعندئذ تكون الكارثة الكبرى.
ونود أن نؤكّد على حق المتخوفين من استمرار هذه الحرب أن يعربوا عن مخاوفهم والمشاعر. ومن حق الذين يشعرون بالخيبة من مسار الحرب أن يتحدّثوا. ومن حق الذين تراودهم الكوابيس أن ينتابهم القلق. ولكن ليس من حق أحدٍ أيّاً كانت أحاسيسه ومشاعره وخيباته والخلفيات كذلك أن يفلت لسانه من العقال ويلجأ الى الشتائم والسباب، أو أن يتعرض الى الآخر في العقيدة والإيمان، أو أن يشمت هذا هنا ويمارس آخر هناك التنمر، أو أن يهدد ثالث هنالك بفرط القوة.
نعرف أن تصعيد جنون هذه الحرب الملعونة هو في باب الرسائل التي تريد أطراف الحرب أن توجهها الى الرئيس الأميركي المنتَخَب دونالد ترامب على قاعدة «نحن هنا». ونعرف أن الطرفَين اللذين ينخرطان في «كتابة» هذه الرسائل بدماء الشهداء وتدمير البلاد وتشريد العباد هما إيران وإسرائيل، كلٌّ منهما لأهداف الصراع في ما بينهما.
ومن موقعنا الثابت بقوة وعلانية منذ عقود ولا سيما منذ الاحتلال الإسرائيلي وحتى اليوم، وبالتأكيد منذ اندلاع الحرب الحالية، وهو مسجل يومياً وهو الوقوف من دون أي تردد مع شعبنا ضد العدو الصهيوني وهذا أوّل الواجب وأضعف الإيمان… من هذا الموقع الذي لا نقبل أيّ مزايدة فيه، وسنظل عليه من دون تردد أو تحفظ… نسأل: لماذا لا توجه إيران الرسائل مباشرة الى العدو الصهيوني؟ ولماذا (على سبيل المثال) لا تقاتل إيران إسرائيل من سوريا بدلاً من أن تقاتلها في لبنان، أولَيس لسوريا أراضٍ محتلة شاسعة؟
أوليس هذا السؤال مشروعاً لا سيما بعد كلام طهران، على أعلى المستويات، في الأيام الأخيرة، حول القدرة على استمرار القتال من لبنان حتى النصر؟!.
فهل إن مَن يطرح هكذا سؤالاً لا يكون يعبّر عن الواقع والحقيقة وما في صدور حتى الذين ينكرون عليه طرحه؟