شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – ما بعد بعد انتخابات 2026
استمعتُ الى تسجيل صوتي منسوب الى أحد النواب من فريق «الممانعة» ورد فيه النص الحرفي الآتي: «سيكون مرشحنا رئيساً للجمهورية مهما طال الزمن ولو الى ما بعد بعد بعد الانتخابات النيابية المقبلة في العام 2026، بالحرب أو من دونها، بحرب موسعة أو تبقى محدودة، باستمرار المواجهة في الجنوب أو بوقف إطلاق النار، هذا قرارنا الواضح والصريح والمباشر، ونحن نعرف أن الجميع يعرف أن هذا القرار نهائي، وفي طليعة العارفين ما يُسمّى بالمعارضة وأيضاً مَن يوجهها (حسب تعبيره) من الخارج»!
صحيح، الجميع يعرف أن هذا الموقف نهائي، في هذه المرحلة على الأقل. ولأن الأمر كذلك تتفاعل ردود الأفعال في الذين يعارضون فريق المقاومة، الذين بقدْرِ ما يجمعهم التقاؤهم على معارضة مرشح الثنائي الشيعي بقدر ما يختلفون على أسلوب المواجهة من أكثرهم قدرة (حزب القوات اللبنانية) الى أدناهم حضوراً وفاعلية، تحديداً السيد كميل شمعون، رئيس حزب الوطنيين الأحرار الذي تذهب به الشطحات الى كلام لا يركب على قوس قزح، الى درجة أن الناس من محبي «الرئيس النمر» كميل شمعون ومتحدريهم أذهلهم وارث الاسم بأقواله الأخيرة، وراحوا يترحمون عليه وعلى نجله الشهيد داني وعلى زمن الوطنيين الأحرار يوم كان الحزب اللبناني الأكبر الذي يعبر الأطياف والمناطق اللبنانية كلها بحضورٍ فاعلٍ لقيادات وازنة سنية وشيعية ودرزية من أقطاب السياسة وأصحاب الزعامة الشعبية في لبنان.
وفي عود على بدء نرى أن ما ادلى به النائب المشار اليه في مطلع هذا الكلام ينظر إليه معارضو الحزب بجدية كبيرة ويأخذونه على محمل الجد، ولكنهم غير قادرين على التقدم بخطوات فعّالة أبرزها تحقيق خرق لدى بعض النواب المستقلين، فهم عاجزون عن ذلك كمثل ما يعجز الثنائي الشيعي عن تسويق مرشحه أيضاً خارج نطاق دائرة الثنائي ومن ينتمي إليه من عددٍ من الأصوات النيابية السنية المعروفة سلفاً. الى ذلك فإن المعارضة باتت على شبه يقين أن تقاطعها مع النائب جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر وتكتل «لبنان القوي»، مهدد بالانقطاع ، لا سيما بعد تطور العلاقة بينه والرئيس نبيه بري، ولو ببطء.
ولكن هذا كله لن يوصل أحداً الى قصر بعبدا ليستقر (سعيداً أو مأزوماً) في سُدّة الرئاسة. فأين الحل؟ الجواب الشافي لا يزال في ذمة ثلاثة أطراف: الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية. ولكن الأولى مشغولة في «أزمتها» الرئاسية مع وجود مرشّحَين لا تُحسد هذه الدولة العظمى على وجود أي منهما في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض. أما الثالثة ففي مأزق انتخابي رئاسي أيضاً، ولكنه شبه مصيري ووجودي للنظام المأزوم المهددة قواعده من مرشح إصلاحي ذي برنامج واضح. وأما الثانية فكل ما حولها يشير الى أنها مرتاحة على وضعها وليست مستعجلة على تدخل حاسم في المواجهة الرئاسية اللبنانية، لأن مَن يملك أوراقاً ثمينة يعرف أين وكيف ومتى يصرفها.