شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – لا جمهورية ثالثة ولا رابعة فقط عودة الى الأصول
تتسارع التطورات في لبنان والإقليم بما يدعو الى التبصّر جدّياً في ما يمكن أن تؤول إليه في الآتي القريب، على أمل أن يكون ما يحمله إلينا الغيب عودةً الى الأصول، وانتظام المؤسسات بعد طول غياب وفلتان واستنسابية فرضها، في العقود الثلاثة الماضية ونصف العقد، سوء تطبيق اتفاق الطائف تحت «رعاية» (والصحيح لا رعاية) الوصاية السورية، التي «برعت» في ضرب مقوّمات هذا الوطن… ومن باب الإنصاف والحقيقة نقول إن الجماعة السياسية اللبنانية هي التي تتحمّل المسؤولية الكبيرة، بسبب الإنبطاح والإنهزامية والتذاكي السخيف، وبيع وشراء كل شيء، أجل كل شيء، (على حساب الكرامة والوطنية والقِيَم والأخلاق، وأحياناً الأعراض…) بسبب الفساد الذي استشرى بما يتجاوز كل معقول، وما يمكن أن يدخل في كتاب «غينيس» للأرقام القياسية… وكذلك أسهم في ذلك كله «فرط القوة» الذي كان عنواناً فاقعاً من عناوين المرحلة لدى فريق لبناني على حساب الأطياف الأخرى.
إن ما حدث يشكّل مدخلاً الى وطنٍ يستحقه أبناؤه، ولكن هل يحق لنا أن نغرق في التفاؤل؟ يقول المثل الفرنسي السائر ما تعريبه: «هذا أجمل بكثير من أن يكون حقيقياً»… بالفعل، إن مستجدات المنطقة ولبنان أجمل من أن تكون حقيقة، لا سيما بالنسبة لنا، نحن الذين عشنا شيئاً من لبنان الذي كان، لبنان الزمن الجميل، لبنان السيادة والكرامة والاستقلال، لبنان المؤسّس في جامعة الدول العربية، وفي هيئة الأمم المتحدة، والذي أسهم في وضع ميثاق حقوق الإنسان، وأول بلد ديموقراطي في المنطقة، وأول بلد فيها أعطى المرأة حقوقها بما فيها حق الإنتخاب (انتخاباً وترشحاً)، وكانت عملته الوطنية (الليرة اللبنانية) واحدة من ثلاث أهم عملات في العالم مع الدولار الأميركي والمارك الالماني والين الياباني والجنيه الاسترليني…
فهل يستمر هذا الزخم الذي يتوالى بسرعة ضوئية؟ فإنتخاب الرئيس جوزاف عون حُسم في الساعات الأخيرة قبل جلسة الإقتراع، والتصويت للرئيس المكلّف نواف سلام حُسم، هو أيضاً، في الساعات الأخيرة قبل بدء استشارات القصر، بدليل أن القاضي نواف سلام غادر لبنان أمس في ما بدا له أن حظوظه لم تكن متوافرة، ولاحقاً حدث ما حدث…
والأهم من هذا كله يؤمل أن يتكاتف اللبنانيون لدعم العهد الجديد، لأن هذه الفرصة الإنقاذية النادرة لإسترجاع لبنان قد لا تتكرر… فهل يفعلون؟ تلك هي المسألة. إن انطلاقة عهد الجنرال جوزاف عون تحمل الأمل والبشائر لرجل قائدٍ ليس مدمن سياسة بمفهومها اللبناني المشوّه، وهو يكتنز في شخصيته المعاني العميقة للجدّية والتصميم والكرامة الوطنية، فمن الجريمة في حق هذا الوطن أن توضع أمامه عراقيل المصالح الذاتية والأنانيات. فارحموا لبنان وشعبه.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.