شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – قائدٌ خامس للجيش الى رئاسة لبنان

27

إذا لم يطرأ تحوُّل دراماتيكي ما، فإن العماد جوزاف عون سيكون رئيس الجمهورية الخامس الذي يُولد من رحم المؤسسة الوطنية الكبرى، الجيش،  فقد كان الرئيس الأمير اللواء (واللواء كانت الرتبة الأعلى في الجيش اللبناني) فؤاد شهاب أول قائد للجيش تربّع في سدّة الرئاسة أثر أحداث 1958 التي عُرفت بتسمية الثورة. ثم انتخب المجلس النيابي قائد الجيش العماد إميل لحود رئيساً إثر تعديل دستوري. القائد الثالث الذي انتُخِب رئيساً للجمهورية كان العماد ميشال سليمان الذي وصل الى قصر بعبدا بعد أحداث السابع من أيار الشهيرة وما أعقبها من شغور رئاسي. قائد الجيش الرابع الذي تسلم مقاليد الرئاسة كان العماد ميشال عون الذي لم يأت من القيادة العملانية إنما من قيادة سابقة. وطبعاً المرشح الأوفر حظاً ليملأ الشغور في قصر بعبدا هو قائد الجيش الحالي العماد جوزاف عون، فينتقل من اليرزة الى جارتها بعبدا، في مسافة قصيرة، ليصبح خامس قائد للجيش رئيساً للجمهورية.

ونحن من اللبنانيين الكثيرين الذين يأملون أن يُنتخب العماد جوزاف عون رئيساً بأكثرية ساحقة، لاعتبارات عديدة أبرزها ظروف لبنان الدقيقة، في المجالات كلها وعلى الصعدان كافة(…) ما يقتضي قيام سلطة تحظى بدعم اللبنانيين والتفافهم حول رئيسٍ مع سلطة تنفيذية بعيدة عن المحاصصات والتنفيعات و «الخاطرشان»، كي لا تتراكم الأزمات ويتضاعف الانهيار، ولكي لا تزداد سرعة تدهور لبنان نحو ذيل العالم الثالث عشر!

ونأمل، بصدق وشفافية، ألّا يغيب طيف لبناني بأكمله عن هذا التضامن الذي نأمله شمولياً، ونقصد بوضوح الطيف الشيعي، لأنه سيشكل عائقاً ميثاقياً أمام الرئيس الجديد ما يناقض البند «ي» من مقدّمة الدستور الذي يتناول الشرعية ومخالفة العيش المشترك. وليت المساعي الحثيثة المبذولة تنجح، في الساعات المعدودة المقبلة التي تفصلنا عن موعد انعقاد الجلسة الانتخابية الرئاسية في توفير الإجماع.

وأمّا توافد الوسطاء الدوليين الى هذا البلد الصغير فهو دلالة على الأهمية الستراتيجية القصوى التي يولونه إياها بالرغم من كل ما يتخبط فيه من كوارث. وأيّاً يكن الرئيس الجديد، العماد جوزاف عون أو غيره، فالمهم أن ينتقل لبنان من المزرعة وزواريبها وفسادها، الى الدولة ورحابها وأنظمتها وقوانينها.

وفي عود على بدء إن ما يُدار على الساحة الوطنية، اليوم، في هذه اللحظة الانتخابية، لهو دليل قاطع على سقوط الطبقة السياسية، أقلُّه في ملاحظتَين: الأولى أن اللجوء الى المؤسسة الوطنية الكبرى في الملمات وبالذات في انتخابات رئاسة الجمهورية هو دليل قاطع على إفلاس الطبقة السياسية. وأمّا الثانية فهي أن هذه الطبقة الفاشلة في حاجة الى جهة (وربما الى جهات) خارجية، تضغط عليها لتقوم بواجباتها، وأولها ملء الشغور الرئاسي، إذ لولا الضغوط الخارجية من واشنطن وباريس والقاهرة والرياض والدوحة وسواها، لكان القوم عندنا في إجازة طويلة وسبات عميق وتخلٍّ عن أهم واجب وهو انتخاب الرئيس.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.