شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – فك الارتباط ولو بالانتخاب

32

عندما قال أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله بأن ليس ثمة ارتباط بين مجريات الحرب على الجبهة الجنوبية والاستحقاق الرئاسي الداخلي بدا واضحاً وحاسماً في الفصل بين الأمر الواقع الحربي وانتخاب رئيس للجمهورية يسد الفراغ الرئاسي. وللتذكير أنه في أواخر شهر آب المقبل ندخل في السنة الثالثة على بدء مهلة الشهرين الدستورية التي يُفترض بنواب الأمة أن ينتخبوا خلالها رئيساً للبلاد. أو أن يكونوا قد انتخبوه فعلاً.

وما قاله سماحة السيد يقوله ويردده المعنيون جميعاً من نواب وكتل وقيادات وزعامات ومرجعيات روحية وزمنية على اختلاف مواقفها واقتناعاتها والتزاماتها السياسية والوطنية، وإن كان كلام أمين عام حزب الله هو أكثرها فاعلية وأبعدها مدىً، للاعتبارات المعروفة ليس أقلها كونه صاحب القرار في إشعال فتيل جبهة الجنوب بين المقاومة والعدو على جانبَي الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.

وإذا كانت الحال على هذا المنوال فلماذا لا يُجرى الاستحقاق الرئاسي حتى الآن؟ السؤال وجيه، وفي موقعه الطبيعي، خصوصاً أن الشغور الرئاسي يفاقم أزمات لبنان ويدفع (ونقولها بألم وحرقة) الى تحول الانقسام العمودي الحاد، في البلد، الى شرٍّ تقسيمي لا يراه إلّا مَن يعمى عنه أو يتقصّد ألّا يراه؟

الجواب يكمن في أن التعايش مع الفراغ الرئاسي يبدو أنه بات مستساغاً من قيادات بارز، أيّاً كان كلامها في هذا الشأن. فهل ثمة مَن ينكر أن الحزب لن يُفرج عن الرئاسة إلا متى وجد أن وصول مرشحه الى قصر بعبدا بات أمراً مقضياً؟ وفي المقابل هل ثمة مَن يجهل أن معارضي الحزب لا يريدون الانتخاب، اليوم، لأنهم على مثاله، غير قادرين على إيصال مرشحهم. أصلاً، هل هم قادرون على التوصل الى مرشح يملك القدرة على الوصول الى السدة الرئاسية؟

وأما الذين يرون أنه، في المبدأ على الأقل، ليس «لائقاً» الاهتمام بالاستحقاق الرئاسي فإنهم يتذرعون بنيران الحرب التي تستعر جنوباً، علماً أن مسألة توسعها واقفة «على صوص ونقطة». ولعله من الضروري التذكير بأن لبنان انتخب خمسة رؤساء جمهورية في حرب السنتين وامتداداتها. بل إن أول الأربعة انتخبه النواب قبل مهلة الشهرين بأربعة أشهر، أي ستة أشهر قبل انتهاء عهد الرئيس سليمان فرنجية، وكان إلياس سركيس رحمه الله، أما الأربعة الآخرون فكانوا الرئيس الشهيد بشير الجميل الذي أعقبه شقيقه الرئيس الشيخ أمين، ليتم تعيين حكومة عسكرية ذات طابع موقت، برئاسة قائد الجيش في حينه الجنرال ميشال عون ، ثم انتخاب الرئيس الشهيد رينيه معوض فخليفته المرحوم إلياس الهراوي. والعبرة ممّا تقدّم أن الحرب (حتى يوم كانت تعم لبنان كله) لم تحل دون انتخاب خمسة رؤساء.

khalilelkhoury@elshark.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.