شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – فرنسا في الدوامة

57

عشية المرحلة الثانية الحاسمة من الانتخابات التشريعية لتكوين الجمعية الوطنية (مجلس النواب) في فرنسا يتضاعف الذهول من القرار الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون بحل الجمعية السابقة واللجوء الى انتخابات «مبكرة جدّاً». ولم يكن له من هدف سوى «القوطبة» على اليمين المتطرف الذي سجل انتصاراً حاسماً في انتخابات البرلمان الأوروبي، ثم عاد هذا اليمين لتعزيز فوزه في الدورة الأولى من انتخابات الجمعية الوطنية يوم الأحد الماضي، والمنتظر أن يكرّسه غداً، من دون أدنى شكّ. علماً أن المهلة بين حل السلطة التشريعية وعمليات الاقتراع لم تتعدَّ الثلاثة أسابيع. وحتى اليوم لا يزال القرار الماكروني يرتد عليه سلباً بين مَن يصفه بالقرار الأحمق، ومن يقول إنه خطوة مجنونة، وثالث يقول إنه مقامرة من نوع ALL IN، أي «صولد» بالرصيد كله الى ما هنالك من التوصيفات السلبية.

والواضح من نتائج البرلمان الأوروبي وبعده نتائج الدورة الأولى الفرنسية، أن الرابح الأكبر، من دون أدنى شك، هو «التجمع الوطني» بزعامة «السيدة الصلبة» مارين لوبين، ورئاسة السياسي الشاب جوردان بارديلا الآتي، بالتأكيد، الى رئاسة الوزارة لتنطلق مرحلة «المساكنة» بينه وبين ماكرون في رئاسة الجمهورية في الثمانية عشر شهراً المتبقية له من ولايته الثانية في قصر الإليزيه، في وقت تتراجع شعبيته الى الحدود بالغة التدني.

ومنذ ما قبل فتح صناديق الاقتراع في الدورة الأولى، قبل أسبوع، الى ما قبل فتحها أمام الناخبين في الدورة الثانية غداً الأحد، وتجهد مجموعات الأحزاب من أقصى اليسار الى ما يسمى باليمين المعتدل، من دون كلل،  يتواصل سباقها المحموم مع الوقت، لتوطيد تحالفها ضد لوبين، وأبرزها أحزاب الاشتراكي والشيوعي والخضر وفرنسا الأبية(…) في إطار ما تعارفوا على تسميته بالجبهة الشعبية الجديدة، والهمّ المشترك في ما بينها هو محاولة تقليص الخسائر، لدرجة أن نحو 200 من المرشحين التابعين الى ماكرون انسحبوا من المواجهة في محاولة لتدارك سلبيات توزيع الأصوات.

صحيح أن ثمة رابح أول في هذه المعمعة وهو التجمع الوطني وزعيمته، إلا أن الخاسر الأكبر هو أيضاً واضح للعلَن وهو الرئيس إيمانويل ماكرون الذي يفقد أكثر من ثلثَي نوابه في تراجع شعبيةٍ يكاد أن يكون غير مسبوق في فرنسا (ناهيك بانعكاساته السلبية بالطبع) على صورته ودوره في الخارج وهو الغائص في سلسلة هزائم من أفريقيا الى المبادرات في لبنان.

khalilelkhoury@elshark.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.