شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – عبودية العصر
الخلل الذي طاول، أمس ، نظام الانترنت في العالم كشف كم أن الإنسان بات عبداً لابتكاراته، ولاسيما للتكنولوجيا التي تتحكم في حياتنا ولم يعد في مقدورنا أن نتجنبها. هل هي ضريبة العلم؟ وهل أخطأ أو أصاب مفكرون وفلاسفة وناس عاديون (خصوصاً في أوروبا الغرببة) عندما قرروا اعتزال ثورة التكنولوجيا، ولجأوا الى غابات وجبال ووديان وكهوف طبيعية بعيدة عن تطور هذا العصر، ليعيشوا اكتفاءً ذاتياً نفسياً على قاعدة فلسفية قوامها أن الاكتفاء الذاتي في الحياة هو في داخل الإنسان وليس في التكنولوجيا حتى في أبسط وأدنى عناصرها كالتلفزيون والإنارة الكهربائية…
أمس «تعطّل» العالم في أنحاء كثيرة منه، في أوروبا وآسيا وأميركا والبعض من أفريقيا وأوقيانيا. فالاضطراب الذي طرأ على نظام الانترنت أوقف حركة الطيران وأصاب بالعمى السيارات من دون سائق وأوقف البورصات العالمية، وهدّد حياة ملايين الناس ما اضطر الى حظر الطيران في مناطق عديدة، وقالت أوساط العدو في فلسطين المحتلة أن العطل أثّر على حركة الطائرات من دون طيار… الى ما هنالك من تداعيات لهذا العطل التكنولوجي.
وتعالَ، قارئي، نتخيّل ما ستكون عليه الحياة، في المستقبل غير البعيد، عندما يهيمن الذكاء الصناعي على حياتنا بتفاصيلها كافة، ويتحكم بأمورنا كلها، ويحدّد لنا نظام حراكنا… والأكثر لنتصوّر أن هذا الذكاء الصناعي يقرر أن ينتفض على الإنسان فيقضي عليه (وهذه الجزئية ليست فرضية وهمية إنما هي حقيقة قد تكون واردة في أي لحظة)؟!. أي إن بقاء البشرية وزوالها قد يكونان رهن إرادة إنسان صناعي، قد يعكّر صفوه أي شيء، فـ «يفشّ خلقه» بخالقه الإنسان! والأكثر خوفاً ما يخطّط له فريق من العلماء من أجل أجيال قادمة نصفها إنسان ونصفها الثاني ينتسب الى الآلات وليس الى آدم وحواء. ولنتصور الصراع بين النصفين في الإنسان (الهجين) الواحد!
هل ما كتبناه، أعلاه، هو دعوة الى وقف سباق العلم مع الطبيعة؟ معاذ الله. فما هو إلا دعوة الى العلماء ليتقوا الله في ما يفعلون؟