شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – شريعة الغاب أكثر رحمة من الوحوش البشرية
يؤلم أن يتقزّم طموحنا، نحن اللبنانيين، كلّ يوم، ليكون يوماً محصوراً بلقمة الكرامة، وليمسي يوماً آخرَ معلّقاً على توفير الأمن الفردي للمواطن، فلا يسقط الشخص قتيلاً لأن أحد الزعران لم يعجبه شكله فأطلق عليه النار، أو لأنه كان مطمعَ نازحٍ يعمل عنده فأرداه صريعاً ليستولي على حفنة من المال أو قطعة حلي، أو لأنه لسببٍ (وغالباً من دون أي سبب) أزعج خاطر أحد وحوش هذه الغابة التي بتنا نعيش فيها. عفوَ الوحوش في الغابات، فعلى الأقل لديها «نظام» طبيعي، وعموماً الوحش لا يقتل إلا عن جوع، أما وحوش غابتنا فبات القتل عندهم أسهل من شربة الماء:
فهنا مَن يقتل عن هوَسٍ،
وهناك مَن يقتل عن هوىً، وهنالك مَن يقتل عن شرٍّ متأصّل فيه. وثمة مَن يزهو بالقتل ويعتز بأنه قاتل الخ… ولكنهم، جميعاً، يقتلون لأنّ «ما في دولة» في هذا البلد المنكوب.
صحيح: لا دولة في بلدنا، فالدولة ليست منصّاتٍ وألقاباً ومواقعَ وتكايا… الدولة هي القضاء. ونود أن نشكر الله على أن فخامة الرئيس العماد جوزاف عون شدّد على هذه النقطة في كلامه، قبل بضعة أيّام. وعلى صعيد شخصي كتبنا، غيرَ مرّة، معربين عن اقتناعنا العميق بأن الدولة والإصلاح في المطلق ينبثقان من جسمٍ قضائي صالح وعادل. وكم مرّة استعدنا وقائع من انتفاضة القضاء الإيطالي على الفساد والمافيات، ودفع بعض قضاة العدالة والنزاهة أرواحهم في سبيل واجبهم ومن أجل ايطاليا .
فأيٌّ منّا لا يعاني من تعامل القضاء عندنا مع القتَلَة وسائر المجرمين، انطلاقاً من خلفياتهم وانتماءاتهم و «الحمايات» التي يوفرها لهم و «يغطّيهم» بها أهل السياسة والنفوذ؟!. أليس أن لدى كلٍّ منّا عشرات الأمثلة على ذلك؟!.
وليت القضاء يتعامل مع القضايا والجرائم المحالة عليه بالسرعة التي تمتاز بها القوى العسكرية والأجهزة الأمنية التي تسجل أرقاماً قياسية في كشف المرتكبين وتوقيفهم.
وبالنسبة الى «الأسباب النفسية أو العصبية» التي أشار اليها وزير الداخلية القاضي بسام مولوي، أمس فإنها ليست في مقدمة الأسباب، وإلّا لكان يُفترَض» بالشعب اللبناني كله أن يكون على قدْرٍ من الإجرام كون الحال العصبية والنفسية على شمولية بفضل «إنجازات» الذين يسميهم البطريرك بشارة الراعي بِـ «الطبقة السياسية».
ولا بدّ أخيراً (وكان يجب أن يكون الأوّل) من التشديد على دور النازحين في ارتفاع منسوب الجريمة الى أعلى المستويات.
khalilelkhoury@elshark.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.