شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – سلاح حزب الله بين القرار والتنفيذ
يبدو الموقف العقلاني الذي قال به رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون هو عين الصواب. باختصار قال الرئيس عشية توجهه الى الدوحة أمس أن الحوار الجاري بين حزب الله ورئاسة الجمهورية حصرياً حول سلاح الحزب سيتوصل الى حلّ في ما تبقى من العام الجاري 2025، وكشف عن قاعدة الحل وهي دمج مقاتلي الحزب في صفوف الجيش اللبناني.
يأتي هذا الموقف في وقت يرتفع منسوب الضغط (الداخلي والخارجي) على المسؤولين اللبنانيين لـ «نزع» سلاح الحزب، مع ربط إعادة الإعمار بهذا المطلب الذي يعرف الداخل والخارج أنه شرط تعجيزي من شأنه أن يفجر البلد. لذلك لاحظنا أن الرئيس لم يستخدم لفظة «نزع» أبداً، فهي لم ترد على لسانه إطلاقاً. والرئيس ليس من هواة المواقف الاستعراضية والشعبوية.
وبالتالي فإن تخلّي حزب الله عن السلاح هو مطلب إجماعي، ولعله أحد أبرز نتائج حرب الإسناد والمشاغلة التي انتهت بمأساة كبيرة جراء الخسائر الفادحة في الشهداء والأملاك، وأدت الى سقوط المعادلات التي كانت مرسومة من قبل، والتشبث بالسلاح لن يكون فيه شيء من الحكمة. وهذه الحقيقة كان الرئيس نبيه بري أول مَن أدركها، فجاء إتفاق وقف القتال تأكيداً عليها وترجمة فعلية لها، ليتبناه لبنان رسمياً عبر إقراره في مجلس الوزراء بإجماع ومشاركة وزراء الثنائي الشيعي.
نعرف أن ثمة فريقاً في الداخل يقول بنزع السلاح، ولا نشك في أنه مدعوم، كي لا نقول مدفوع، من قوى خارجية، ولا نريد أن نشكك في أهدافه، لأن «احتكار» السلاح في يد السلطة اللبنانية هو مطلَب تاريخي قدْرَ ما هو ضرورة وطنية قصوى، ولكن الذهاب الى صِدام وطني بلباس الحرب الأهلية هو كارثة الكوارث.
وأمّا دمج مقاتلي الحزب في المؤسّسات العسكرية والأمنية، فهو حلٌّ مشرِّف للجميع. ولقد قُيّض لي أن أواكب عن كثب عملية دمج المقاتلين في الجيش وسائر القوى الأمنية في مطلع تسعينات القرن العشرين الماضي، فكانت تجربة فذّة، لا سيما أن الجيش أثبت (بالرغم من ظروفه الموضوعية آنذاك) أنه قادر على عملية الاستيعاب تلك وصهر الانتماءات المختلفة في بوتقة لبنانية واحدة، فكم بالحري اليوم والجيش في ذروة تماسكه؟
يبقى، في هذا السياق، أن لا بد من الإشارة الى أن قائد الجيش يومذاك العماد إميل لحود ووزير الدفاع المرحوم ميشال المر عملا المستحيل لإغراء القوى والميليشيات المسيحية للدفع بثلاثة آلاف عنصر، على الأقل، لينضموا الى الجيش، ولكن عبثاً. وفي المعلومات أن القوات اللبنانية لم تقدم سوى 38 شاباً.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.