شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – «ريفييرا» الدم والدموع! أهذا هو سلام ترامب؟

34

السؤال الذي يطرح ذاته بإلحاح هو: أين أصبح السلام الذي تعهد به الرئيس دونالد ترامب؟ وهل إن المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة هي الإنموذج الفاضح للسلام الموعود من نزيل البيت الأبيض؟

إن الوحشية المبالغ فيها التي يتعرض لها المدنيون الأبرياء في القطاع تعطي دليلاً قاطعاً على أن نتنياهو لم يكن ليتمادى في هذه البربرية غير المسبوقة لو لم يكن ترامب قد أعطاه الضوء الأخضر ليرتكب هذه المجازر، لا سيما وأنه يواجه شبه انتفاضة داخلية تعارض ارتكاباته وجرائمه أقلّه قبل استعادة الأسرى المتبقين عند حركتَي حماس والجهاد والذين يقارب عددهم الستين شخصاً.

لقد سبق للرئيس الأميركي قُبَيل وبُعَيد الانتخابات الرئاسية أن وعد بتحويل غزة الى «ريفييرا» على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، ليتبين لاحقاً أن المطلوب هو تهجير أهالي القطاع الفلسطينيين ليس فقط الى بلدان الجوار، لا سيما الى مصر والمملكة الأردنية، وكذلك الى بلدان أفريقيا. وآخر الإبداعات في هذا السياق تهجيرهم الى الصومال. وهذا لا يتم إلّا باستئناف حرب الإبادة. وهذه المهمة ندبَ الوحش الصهيوني الفاجر نفسَه لأن يحملها على عاتقه، ما دام من شأن تنفيذها أن يمدّد بقاءه في السلطة أمداً آخرَ. وهو بقاء على نهر الدماء وتراكم الجثث.

يؤلم أن يكون الدور العربي يساوي صفراً. ويؤلم أكثر أن العرب ليس لديهم سوى «سلاح» واحد يملكونه وهو الحكي، وليس غير الحكي من استنكارات سخيفة وتنديداتٍ فارغة. وأمّا السلاح الحقيقي الذي دفع المسؤولون العرب أثمانه آلاف مليارات الدولارات فليست له من وظيفة سوى الاقتتال الداخلي وإزهاق أرواح العرب والمسلمين بأيدي المسلمين والعرب. وإلّا فهو تكديس السلاح في العنابر والصحارى ليتآكله الصدأ، وليفقد أهميته وفاعليته المفقودتين أصلاً لغير سبب وموجب، ما لا نرى ضرورة للخوض به في هذه العجالة.

وليخرس المتنطّحون  العرب الذين يعلّقون التهم على مشجب الآخرين، ليتهربوا من حمل المسؤولية، كما فعلوا دائماً وأبداً، وكما يفعلون اليوم، وكما سيفعلون الى الأبد. وحتّى عندما تدول دولٌ وتتبدّل أنظمة فلا يتغير شيء. والأمثلة القريبة والبعيدة تؤكد على هذه الحقيقة الصارخة: سيبقى السلاح  للإقتتال، وأمّا الوحش الصهيوني فحرام أن يُرشق بوردة.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.