شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – حزب الله هل خلق من الضعف قوة؟!.

13

المشهد، أمس، استثنائي بكل ما للكلمة من معنى. فعلى الصعيد الشعبي تجاوز حزب الله «القطوع الكبير» وأثبت أنه لا يزال القوة الشعبية الكبرى، بل الأكبر في لبنان، بمقدار لا يجاريه فيه أحد. وقد يقول البعض إن هذا الإقبال الجماهيري، غير المسبوق، هو تعبير عن الحب والتقدير والوفاء للشهيد الكبير الأمين العام الأسبق سماحة السيد حسن نصرالله، وأيضاً تعبير عن الحزن على رحيله… هذا صحيح، ولكن الإقبال الشعبي المشهود جاء تلبية لدعوة من القيادة الحالية. وفي أي حال سيُثبت طالع الأيام، في كل منعطف، مدى تجاوب بيئة حزب الله الحاضنة مع هذه القيادة. والامتحان الأكبر سيكون في الانتخابات النيابية المقبلة بعد نحو أربعة عشر شهراً. وفي هذا السياق لا يمكن إغفال المحاولات الحثيثة التي لجأ إليها الاحتلال ليرهب الناس علّ وعسى يكون الإقبال ضعيفاً. ولكن ذلك فشل كله بما فيه الضغط الأميركي، والشائعات التي روجها غير طرف مرتبط بالعدو وما تضمنته من تلويح بتهديد مباشر لمن يحضر، وحتّى للأطفال الذين يرافقون ذويهم. وعلى العكس فقد أدّت تلك كلها الى ردود أفعال مناقضة للهدف الذي كان مرجوّاً منها.

والذين، في الداخل والخارج، سعوا الى وضع رئيس الجمهورية  ورئيس الحكومة في موقف التحرّج من المشاركة في حفل التشييع، هم أيضاً لم ينجحوا في ما أرادوا، وكان اختيار الرئيس جوزاف عون أن يمثله الرئيس نبيه بري ضربة معلّم.

ولقد يكون من الضروري التنويه بالتنظيم والإنضباط في الجمهور، وكذلك بدور الجيش اللبناني وسائر الأجهزة والقوى الأمنية التي وفرت الأمن للمحتفلين، وكذلك لسكان المناطق التي تجاور مدينة كميل شمعون الرياضية التي ضاقت (على رحبها) بالجموع التي احتشد منها خارج الأسوار أكثر ممّا كان في داخلها.

وبعد، لقد ارتقى السيد حسن نصرالله الى الشهادة في واحدة من أكثر مراحل المنطقة (بما فيها لبنان) صعوبةً ودقةً وخياراتٍ مصيريةً، على قاعدة ما يقرره المايسترو الأميركي الذي يؤدي دوره «الإقتحامي» المباشر بقوة وبأسلوب شديد الفجاجة الرئيس دونالد ترامب الذي لا يتوانى عن التعامل مع بلدان العالم وحكّامها وخرائطها وثرواتها الطبيعية وكأنه وكيل مفوّضٌ أن يتصرّف بها وفق مشيئةٍ عليا، وهي حالٌ يتعذر تقدير كيف كان سيتعامل معها السيد حسن لو كان لا يزال على قيد الحياة، إلّا أن ما يبدو واضحاً أن قيادة الحزب، مع سماحة الأمين العام الحالي الشيخ نعيم قاسم، تتجه الى الإنخراط في العمل السياسي الداخلي. وفي تقديرنا إذا استمر هذا النهج يكون الحزب قد أدّى خدمة لشعبه ولوطنه، لا سيما أننا على أبواب حرب داهمة هي حرب الإعمار الذي لن يتحقق إلّا إذا ترجمت على أرض الواقع المقولة الذهبية: لا حماية فعلية للبنانيين، بأطيافهم كافة إلّا عبر الدولة اللبنانية.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.