شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – حرب الاستنزاف بدل الحرب الواسعة
لم نعد بحاجة الى «خبراء» عسكريين واستراتيجيين لنتبيّن أن العدو الصهيوني يهدد بالحرب الشاملة ولكنه يشن «حرب استنزاف» حزب الله، وهي أيضاً واسعة جداً.
كما أنه لم يعد سرّاً أن العدو لا يريد حرباً شاملة لأن ظروفها غير مؤاتية له، إذ إنه سيواجه مقاومة كبرى تودي الى القضاء أقلّه على المئات من ضباط وجنود جيشه. لذلك لجأ الى استهداف (هو كذلك شامل) للحزب من خلال القضاء على قيادات مهمة جداً بعمليات الاغتيال، وكوادره المفصلية البارزة بعمليات نوعية ملحوظة، والمجاهدين في الميدان، وأيضاً بيئة الحزب الحاضنة من خلال استهداف الجنوب والبقاع ولا سيما الضاحية كما جرى يومَي الثلاثاء والأربعاء الماضيين…
لقد كشف العدو عن وجهه المجرم القبيح بأبشع صوَر الحرب اللاأخلاقية الخارجة على أدنى قواعد الحروب الإنسانية. وهو، أصلاً، لا يتوقف عند أيٍّ من درجات سلّم القيم والمبادئ، بل لعله يفاخر بأنه يخرج عليها غير مبالٍ بالرأي العام الدولي، وعلى أنظمة الصراعات، وأيضاً على قرارات المنظمات الأممية… وهو يستمد قوته ليس فقط من التفوق في السلاح والتكنولوجيا، بل كذلك من الدعم المفتوح (دونما أي حدود) من قِبَل الولايات المتحدة الأميركية التي يستشيرها وينسق معها في اعتداءاته كلها (بالرغم من النفي المشترك الصادر عن تل أبيب والبيت الأبيض). كما ترتفع شهية العدو الى المزيد من دماء المعنيين في المقاومة وخصوصاً دماء المدنيين.
وفي أي حال إن انتشاء السفاح نتنياهو برائحة الدماء مردُّه، من جهة موازية، الى ادعاء لديه بأنّ حزب الله افتقد معادلة الردع بنسبة معيّنة. ولعل حرص الأمين العام لحزب الله سماحة السيّد حسن نصرالله على عدم توسيع نطاق المواجهة في محاولة منه لتجنيب لبنان التداعيات ما أمكنه الى ذلك سبيلاً. وما حدث في الأيام الأخيرة من تمادٍ للعدو في اعتداءاته سوى دليل على استراتيجية الاحتلال الجديدة.
والى ذلك كله لا يمكن تجاهل الخرق المخابراتي الفاقع لمصلحة العدو. وهذه مسألة لم تعد بخافية على أي مراقب، لاسيما بعد إعلان سيد المقاومة في إطلالته الأخيرة عندما قال إن خطة الرد على جرائم العدو محصورة في النطاق الضيق جداً.