شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – بعد المارونية والسنية جاء دور الشيعية السياسية
سألني الديبلوماسي الأوروبي الغربي الصديق، مساء أمس، ما اذا كنت قد اطلعت على «عظة الأحد» التي وجهها غبطة البطريرك بشارة الراعي، والتي أصبح تعميمها تقليداً، درجت عليه وسائط الإعلام، منذ المثلث الرحمات البطريرك نصرالله صفير الطيب الذكر. وبعد أن أجبته بالإيجاب، استأنف سؤاله قائلاً: ألم يلفتك أن سيد بكركي ركّز، هذه المرة وهي ليست الأولى، على استعادة الصلاحيات لرئيس الجمهورية؟ ولم ينتظر جواباً ليضيف: إن المعلومات الأكيدة التي تلقّى بلدي التقارير العديدة حولها تشير الى أن لبنان الحالي لم يعد ماشياً، وأن الغلَيان الذي عرفه لبنان وأدّى الى تضافر العوامل الخارجية لنشوب «حرب السنتين» التي تناسلت حروباً، إنما كانت قاعدته الصلبة مطالبة الطيف السني بدور «أكثر فاعلية» في السلطة. فهل تذكر عبارة «شرّابة الخرج» التي كان يستعملها رشيد كرامي وصائب سلام عندما يكون أحدهما (أو كلاهما) خارج السراي الكبير، في توصيف صلاحيات رئيس الوزراء التي كانت لا ترضي أهل السنة وكانوا يتذمرون من «الغبن» ويتحدّثون عن «المشاركة» (في السلطة) ويطالبون بتعديل الدستور.
ومضى يقول: ثمّ كانت الحرب اللعينة، وانتهت بهزيمة الطيف المسيحي، وتعديل الدستور وفق اتفاق الطائف، ووصول رجل سني عملاق الى السلطة (الرئيس الشهيد رفيق الحريري) فاستأثر بقوة شخصيته وقدراته المالية بالصلاحيات التي نقلها الدستور من رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء. وسقوط الدور المسيحي بسقوط الصلاحيات حتى ولو لم يكن رئيس الجمهورية الماروني يمارسها إلّا جزئياً.
واستطرد الديبلوماسي الأوروبي الغربي يقول: في هذا الوقت كان الطيف الشيعي لا يزال يرفع شعار «الحرمان» الذي أطلقه سماحة الإمام السيد موسى الصدر الرجل الظاهرة الذي اغتاله العقيد معمر القذافي بعد أن استدرجه الى ضيافته في ليبيا. وكانت أحداث السابع من أيار العسكرية التي أسفرت عن إسقاط السنية السياسية لتنشأ على أنقاضها الشيعية السياسية، ودائماً بعد الحدث الدموي. ولكن، هذه المرة، لم تكن ثمة تعديلات في النصوص الدستورية، إنما ممارسة على الأرض بقوة السلاح فالأمر الواقع.
وقال: ما شكا منه المسيحيون بعد اتفاق الطائف تضاعفت شكواهم منه اليوم، مع فارق (أو مفارقة؟!) أنهم ليسوا وحدهم إذ ربما يتخطاهم أهل السنّة في الشكوى.
وختم الديبلوماسي الأوروبي الغربي بالقول: باختصار إن الشيعية السياسية لن تطول هيمنتها على لبنان، وهذا تحليلي الشخصي، لأنني لا أرى أن الوضع في إيران «سينجو طويلاً» ممّا يُدَبَّر له. ولن أكرّر ما نعرفه جميعاً من الفارق بين لبنان زمن المارونية السياسية ولبنان ما بعدها، وهي مفاضلة واضحة المعالم يعرفها الجميع وبها يقرّون ويعترفون(…).