شروق وغروب – بقلم خليل الخوري -الرواية الفلسطينية… وأسئلة سلمان زين الدين

162

منذ نحو عقدين من السنين وأنا أتابع بإعجاب الشاعر اللبناني الناقد سلمان زين الدين الذي يهجس بالأدب الراقي ويمارسه شعراً ونقداً من دون كلل. وهو واحدٌ من قلّة من اللبنانيين الأنقياء الذين يخدمون لبنان والثقافة والفكر والأدب الراقي والشعر الأنيق المنمّق بالكلمة لأنها، في نظر هؤلاء وهو في طليعتهم، كانت وستبقى «أصدق إنباءً» من السيف.

جديد سلمان زين الدين الكتاب الحادي عشر في «أسئلة الرواية الفلسطينية» الذي أصدره أخيراً عن «مركز ليفانت» في الإسكندرية، تناول فيه ثلاثين رواية فلسطينية أنتِجت في العقود الثلاثة الأخيرة كتبها روائيون فلسطينيون أو ذوو أصول فلسطينية من أجيال عدة، بدءاً بـ «حارة النصارى» لنبيل خوري (١٩٩٥) وصولاً الى «القمح المر» لجلال جبارين (٢٠٢٣). وقد شهدت هذه الحِقبة تطورات بالغة الخطورة والدقة بواقع فلسطيني يقول عنه زين الدين إنه «موغلٌ في الغرابة الى حد السوريالية ولا يشبهه واقع آخر في العالم. والروايات التي تعرضت لهذا الواقع في سياقها تتقاطع في أسئلة كثيرة وتفترق في معظم الأسئلة ما يمنحها هويتها الخاصة».

تضج تلك الروايات بما يتعلق بالاحتلال وتداعياته المدمرة على الشعب الفلسطيني، ومنها: اللجوء، النزوح، التهجير، السلطة، الهجرة غير الشرعية، الإرهاب، التطبيع، العمالة إلخ… وفي المقابل، تتألّق في المقاومة وآليات عملها لتحرير الأرض واستعادة الحقوق المشروعة، مثال: التاريخ، الذاكرة، الانتماء، الجذور، المكان، الأرض، العمل الفدائي…

في «أسئلة الرواية الفلسطينية» يطرح الرواة نقطاً مبدئية. فنبيل خوري يطرح سؤال القدس، وإبراهيم نصرالله أسئلة القيادة والإرادة والتاريخ، والياس خوري سؤالي الذاكرة والتطبيع، وباسم خندقجي عن التاريخ والمقاومة، ويسأل مروان عبدالله عن الأرض، ويعود يحيى خلف الى سؤال الجذور، أما سلوى البنّا فعن السلطة والإرهاب، وفيما تطرح حنان بكير سؤال المرأة يسأل جلال جبارين عن المخيم…

يأتي هذا الكتاب، في اللحظة الحرجة تزامناً مع ما يطرحه العدوان الصهيوني الوحشي على الفلسطينيين في الضفة وخصوصاً في غزة الصامدة من أسئلة المصير والوجدان. ولعلّ سلمان زين الدين يجيب عنها من خلال هذا البحث المنهجي المهم في روايات سلخها كتّابها من صميم القضية الفلسطينية في وقت أكثر ما تكون فلسطين بحاجة الى مثل هذه الإضاءة المشرقة في زمن العتمة حيناً والعدوان حيناً آخر والتواطؤ الدولي والتخاذل العربي في كل حين.

khalilelkhoury@elshark.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.