شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – «الحكمة يمانية» والحروب على اليمن فاشلة
يعلمنا التاريخ، قديمه والحديث، أن لليمن خصوصية وشأناً مميّزاً وحالاّ فريدةً على امتداد العصور. بالطبع لسنا في وارد النبش في طوايا صفحات التاريخ، فهذا من اختصاص المؤرخين لا أهل الصحافة والإعلام، فقط نود أن نقول إن الحروب على اليمن خاسرة حتى قبل أن تبدأ. ولعلّ المثل الأكثر دلالةً، في زماننا، هو في الحرب التي شنها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر على اليمن وقد أوفد ألوية من الجيش المصري الى تلك الديار، وكانت النتيجة كارثية.
حدث ذلك إثر الإنقلاب على إمام اليمن بدعم من الزعيم عبد الناصر. وقد انقسم اليمنيون بين مؤيدي الإمام يحيى الذي خلفه ولي عهده الإمام البدر، وبين الضابط السلّال الذي قاد الإنقلاب.
وامتد الخلاف الى المعسكرَين العربيين الأبرزَين في ذلك الحين، فكان السلال مدعوماً بالعسكر والسلاح والعتاد من مصر، بينما كان الإمام البدر مدعوماً من المملكة العربية السعودية. وللمفارقة أن الصحافة اللبنانية كانت الوسيلة الإعلامية الفاعلة، شبه الوحيدة التي وجد الفريقان مساحاتٍ رحبةً فيها. فكنتَ تقرأ «مانشيت» عريضاً في الصفحات الأولى من بعض الصحف مثال «البدر على أبواب صنعاء». وفي البعض الآخر المقابل نقرأ: «السلال يحصن صنعاء والبدر يفر الى السعودية» الخ…
المهم أن الجيش المصري خسر المعركة وانسحب من اليمن وقد تكبّد خسائر فادحة، وبعد سنوات نقل محمد حسنين هيكل عن الرئيس عبد الناصر أن التدخل في اليمن كان «غلطة عمري».
وفي العقود الماضية نشب صراع عسكري بين المملكة العربية السعودية والجماعة الحوثية في اليمن، ما ترك جراحاً لا تندمل(…).
واليوم انخرط الحوثيون الى جانب غزة في الحرب عليها، وتطور الموقف الحوثي الى الهجمات الصاروخية على سفن في البحر الأحمر بما فيها البوارج وحاملات الطائرات الأميركية… وجاء رد واشنطن منذ أشهر قصفاً شديد الوتيرة التي ارتفعت مفعولاً وكثافة في الأيام الأخيرة.
ويقول خبير عسكري إن القصف الأميركي قوي التدمير من دون أدنى شك، ولكن لن يكون له أي مفعول استراتيجي ولو دُمّرت صنعاء كلّياً بمبانيها الأثرية الجميلة، فطبيعة الأرض اليمنية بتضاريسها الجبلية شديدة الوعورة، وبوهادها السحيقة لا تؤثر فيها القذائف الصاروخية مهما كانت متطورة، قدر ما هي عصية على الاجتياح.
وبعد، في الحديث الشريف الذي أورده الشيخان (مسلم والبخاري) في الصحيحَين أن «الحكمة يمانية». قيل نسبة الى الإيمان وقيل بل الى اليمن.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.