شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الحدود اللبنانية – السورية معابر الأزمات المزمنة

27

بدت مفاجئةً التدابيرُ التي اتخذتها السلطة الموقتة الانتقالية في سوريا بشأن منع اللبنانيين من الدخول الى بلدها. وزاد من غرابة هذا التدبير ومن وقع المفاجأة أن قرار الحظر نُفّذ من دون إصدار أي توضيح أو تفسير لهذا القرار لا على الصعيد العام ولا على الصعيد الأمني بالذات، في وقت لاحظنا تدفق اللبنانيين نحو سوريا منذ إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد، لا سيما على الصعيد السياحي، وهو مورد مهم لسوريا مهما بدا محدوداً في هذه المرحلة.

بدايةً إن مسألة الحدود بين البلَدَين الأقربَين ليست بنت ساعتها، ولا هي بنت العقود الأخيرة وحسب، اذ هي تاريخية بامتياز، ولا يزال عالقاً في طوايا التاريخ الحديث القول الشهير لرئيس الحكومة اللبنانية، الزعيم الوطني والعروبي الكبير المغفور له رياض الصلح، في أربعينات القرن العشرين الماضي، تعليقاً على وضع الجانب السوري «الخشبة» على الحدود (إشارة الى قطع العلاقات مع لبنان)، عندما قال: «نحن ما أردناها (أي القطيعة) ولكنها كانت، فلتكن».

اللبنانيون الذين رحبوا، بأكثريتهم، بالحكم السوري الجديد، استغربوا هذا الإجراء أيّاً كانت أسبابه الموجبة ودواعيه الآنية أو طويلة الأمد، اذا كان ثمة دواعٍ فعلية وموجبات حقيقية… وفي تقديرهم أن من أولى واجبات الحكم الانتقالي في سوريا أن يشجع على فتح الحدود وتقديم الإغراءات الى السوريين الذين نزحوا الى لبنان وعددهم يتجاوز المليون وربع المليون نسمة في أقلّ تقدير، لا سيما أنه لم يعد ثمة مبرّر لبقائهم عندنا، بدلاً من أن يلتفت الى أمر آخر. ولا يرى اللبنانيون أنه يمكن القبول بإقفال معبرَي العريضة والدبّوسية الشرعيين في وجوههم ردّاً على توقيف نفرِين أو ثلاثة أو بضعة أنفار ضبطهم الجيش اللبناني يجتازون أحد المعابر غير الشرعية في طريقهم الى لبنان. وكذلك فإن اللبنانيين كانوا يتوقعون من السلطة الانتقالية في سوريا أن تمنع مرور «الفانات» التي تقل العشرات الى لبنان في نزوح جديد (كما حدث في الأيام الأخيرة مراراً وتكراراً).

khalilelkhoury@elshark.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.