شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – التأقلم الصعب مع التطورات الهائلة

28

ليس بالأمر السهل على اللبنانيين عموماً، أياً كانت أهواؤهم  واتجاهاتهم وميولهم، أن يتأقلموا مع المستجدات والتطورات الهائلة التي ضربت لبنان والمنطقة والعالم قاطبةً، لا سيما أن لبنان هو الأرض الخصبة لتلقي كل جديد بإنعكاسات كثيراً ما كانت سلبية ودفع هذا البلد الصغير المعذب أثماناً باهظة في سبيلها، بعضها لم يكن منه بد، وبعضها الآخر كان يمكن تلافيه على امتداد التاريخ الحديث لهذا الوطن الصغير. مثال ذلك أن نكبة فلسطين لم يكن ممكناً تفاديها، ولكن كان في الإمكان التعامل مع اللاجئين بأسلوب مختلف كلياً… ولكن القيادات اللبنانية التي لم تتعلم شيئاً من العِبَر عادت فأوقعتنا في كارثة النزوح السوري بسبب النكايات والأحقاد وقصر النظر لدى البعض…

المستَجَد الأبرز أخيراً هو سقوط النظام السوري بعدما ترك بصمته السلبية على الحياة اللبنانية عموماً وليس السياسية وحسب عقوداً طويلة بلغت ذروتها منذ أن «لزّم» الأميركي لبنان الى «المقاول» السوري، فنشأ وضع استسلامي مروّع أسهم فيه قطاع سياسي فاسد حتى العظم وفاقد الكرامة الشخصية والوطنية الى أدنى درك. وكان أن جاء زلزال «طوفان الأقصى» الذي رتّبت تداعياته على لبنان سلسلة كوارث إن من حيث سقوط الآلاف وفي مقدمتهم سماحة السيد حسن نصرالله، أو من حيث التهجير الداخلي والتدمير شبه الشامل الذي ارتكبه العدو الإسرائيلي. وبالتالي إضعاف دور حزب الله في المعادلة السياسية التي يجب الإقرار بأنه كان يديرها، أيّاً كان التفاوت في الرأي من تلك الإدارة…

وفي واشنطن أحدثت عودة دونالد ترامب الى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض هزّة على المستوى العالمي قاطبة، لأنه جاء بثياب المقاتل الذي يدعو الى السلام بشروطه ونرجسيته وتأليهه ذاته لدرجة أنه سيقيم لنفسه نُصُباً ضخماً على شاطئ غزة التي سيُرحّل سكانها الى أقاصي المعمورة لتصبح ريفييرا الشرق الأوسط على حدّ ما قال ولا يزال يخطط له.

في هذا المناخ، الغريب حتى الجنون، والتطورات الداخلية والإقليمية والدولية، وصل الرئيس جوزاف عون الى سدة الرئاسة ولبنان (قبل ذلك كله) غارق في انهيار خرافي جراء تداعيات كارثة مالية – اقتصادية مرعبة… ومع ذلك المطلوب من رئيس البلاد اجتراح الأعاجيب.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.