شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – إنهم أنذال فعلاً ورغم التخمة لا يشبعون
تعقيباً على ما كتبتُه في مقال سابق من «شروق وغروب» حول الفساد والفاسدين واللصوص وسائر الزعران والمافيات الذين لم يتركوا في البقرة التي كانت حلوباً أيّ ضرعٍ إلّا نضبوه، وأي دم إلا مصّوه وأي لحم إلا التهموه وأي عضم إلّا جرموه… تعقيباً على هذا الكلام أرسل إليّ، أمس، صديق عزيز مدوّنة منقولة عن أحد مواقع التواصل الاجتماعي، تحسّن لي أن أنقلها الى القارئ، وهي الآتية: «عند وفاة كبير اللصوص في العصر العباسي، وكان اسمه أدهم بن عسقلة، ترك وصية لأتباعه اللصوص جاء فيها: لا تسرقوا امرأة ولا جاراً ولا نبيلَ الخلق ولا فقيهاً. وإذا سرقتم بيتاً فاسرقوا نصفه (نصف محتوياته) واتركوا النصف الآخر ليعتاش عليه أهله ولا تكونوا من الأنذال». رحمك الله يا ابن عسقلة، فلقد خان وصيتَك لصوصُ زماننا، فأكلوا الأخضر واليابس.
تلك كانت «شهامة» اللصوص قبل أكثر من ألف سنة، من دون أن يكونوا مسؤولين عن حقوق الناس في أموالها وأمنها وغذائها وحقها في الحياة الكريمة والرفاه ورغد العيش. أما لصوص هذا الزمن الرديء فيسرقون الناس ويمنّنونها بما تقترف أيديهم. فالمسؤولون عن أموال الناس ومدخراتها وجنى الأعمار، يسرقونها. والمؤتمنون على الحقوق (على أنواعها) يفرّطون بها. والمسؤولون عن الطمأنينة والأمان والسلام يدفعون الى الإحباط واليأس الخ…
ولا يكتفون بذلك، بل يحاضرون فينا، يومياً، بالعفة وبياض الكف وسمو الأخلاق، حتى ليكاد الواحد منّا أن يشعر بالحياء والخجل لأنه ربّـما قد جرح مشاعر هذا وذاك وذلك من كبار اللصوص، أو أنه لم يقف على خاطر أولئك «البهاميط» من حيتان اللصوص الذين «يلهطون» كل شيء (من دون شبع أو ارتواء) آخر مقوّمات الصمود لدى اللبنانيين الذين لا يكفيهم ما بلاهم، حتى وجدوا أنفسهم في قعر القعر الذي لم يعد تحتَه تحتٌ على حد تعبير الصحافي الكبير الراحل المرحوم رشدي المعلوف.
… وبعد، لم يأتِ ابن عسقلة على ذكر القضاء، ليس خوفاً منه فقط لأنه يصلت سيف العدالة فوق رأسه ورؤوس زملائه في «الصنعة»، بل على الأرجح وغالب الظن لأن قاضي ذلك الزمن لم يكن مشاركاً في جنحة أو جناية أو منافع السرقات؟!.