شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – إنها انتكاسة ولكنها ليست نكسة
لعلّه كان على الرئيس المكلّف الدكتور نواف سلام أن يمدّد لمرحلة التكليف يومين أو ثلاثة أيام، قبل أن يتوجه الى القصر الجمهوري في محاولة، غير ناجحة، لإعلان حكومة العهد الأولى. صحيح أن الرجل كان تحت ضغوط هائلة للإسراع في إخراج التشكيلة الوزارية من العتمة الى النور… ولكن الصحيح أيضاً أن ثمة ثغرةً ما (وربّما غير ثغرة واحدة) لم يُحسن سلام سدّها بالتي هي أحسن.
في هذا السياق يبدو أن المعطيات التي توافرت لديه عن أن الواقع السياسي المعروف قد لا يكون قادراً على وضع العصي في عجلات «نصف الإنقلاب الأبيض» الذي قاده نواف سلام معتقداً أن التوق الشعبي الى التحرر من قيود زنزانة «الدولة العميقة» التي تتحكم في مفاصل الدولة الصُوَريّة التي ليس في يدها أي حيلة عملية، أن هذا التوق ستكون له الغلَبة.
ولقد ملأ الفضاء الإعلامي، أمس، أن الأميركي أرسل تحذيراً بمقياس الإنذار بأنه لا يريد أن يتمثل حزب الله في الحكومة، وأنه التقى في هذه اللاإرادة مع دول عربية فاعلة بالرغم من الفارق في الأسلوب: الجانب العربي الفاعل الذي يعارض وجود «الحزب» في التشكيلة الحكومية لا يصل الى حدّ التهديد، فقط هو أبلغ الى من يعنيهم الأمر شكلوها كما تريدون واذا كان لنا ثمة اعتراض أو عدم رضى فإننا سنسحب يدنا من لبنان ولن نُسهم في إعادة الإعمار والبناء وتحمّلوا مسؤوليتكم(…). أمّا الأميركي فذهب الى التهديد والوعيد: ويلكم إذا عملتموها! ملوّحاً بتدابير صارمة أدناها العقوبات ومضاعفة مفاعيل الحصار… على طريقة دونالد ترامب المعهودة.
حاول نواف سلام أن يلعبها بشطارة. قال بعضهم للأميركي: نُدخل في الحكومة وزراء يحملون جنسيتكم وهم خرّيجو الجامعة التي تحمل اسمكم، ولأول مرة نجتزئ من حصة الثنائي الشيعي فنأخذ منه الوزير الخامس، ونعطي وزارة الخارجية الى مَن ترضون عنه، و «نشلّح» حلفاء الحزب حقائب أساسية ذات تماس مع الرأي العام… ولم تمشِ الحال!
أمور عديدة تكشّف عنها الحدث الحكومي أمس ستظهر وقائعها وتداعياتها في طالع الأيّام أبرزها اثنان: عودة الروح الى الحراك الشعبي، ثمّ عودة الأشدّ تصلّباً ضد إسناد حقيبة المال الى الثنائي الشيعي عن تصلبهم 180 درجة: أي العودة الى القبول.
وتبقى إشارة لا بدّ منها: لا يستحق العهد الجديد هذه الانتكاسة في مطلعه. ولا يزال الأمل كبيراً في ألّا تتحوّل الى نكسة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.