شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – أمطار الخمس دقائق: 5 دقائق = 5 ساعات

27

كنتُ واحداً، أمس، من عشرات آلاف مستقلِّي السيارات الذين احتُجزوا ساعاتٍ طويلةً على الطرقات لا سيما في الضواحي الشرقية للعاصمة بيروت، وقد تسمّروا في أماكنهم، من مختلف الأعمار بينهم الأطفال والفتيان والشباب والكهول والعجائز، رجالاً ونساءً، مرضى وأصحاب حاجات خاصّة.

داخل بلدة الدكوانة كان «البلوكاج» فوق التصوّر، وبالواقع الملموس نقول: فوق القدرة على الاحتمال. ومثالي على هذا الواقع الأليم أن المسافة بين سوبر ماركت «هابي» ومحطة وقود الأسمر لا تزيد عن المئة متر، وقد استغرق اجتيازها أكثر من ساعتين، وكان قد سبقهما وتبعهما وقتان مماثلان .

هل هذا معقول؟ هل هو مقبول؟ ومَن يتحمل المسؤولية عن القهر والظلم اللذين لا مبرّر لهما تحت أي ذريعة ولا بأي سفسطة.

 نفهم ونقبل ونعقل عوامل الطبيعة. ولكن ما حدث مع الآلاف أمس ليس جراء العامل الطبيعي الاستثنائي، إذ هو نتيجة الفساد المستشري والذي أُريد له أن يمدّد أذرع أخطبوطه الجشع والبشع الى هذا العهد الجديد الذي يعلّق عليه اللبنانيون كبيرَ الآمال وعريضَها!

لماذا تعرّضت إحدى السيدات الحوامل الى وضع صحي دقيق، ولماذا أُغمي على غير شخص، ولماذا تعطلت مواعيد ومصالح وأعمال المئات أمس؟ الخ … هل بسبب العامل الطبيعي؟ الجواب قطعاً: لا. فقد حصل ذلك كله لأن السماء أمطرت «مازوخ» شديداً، هطلت مياهه دفقاً. هذا صحيح، ولكنه لم يستمر لأكثر من خمس دقائق، ليتحول المطر، بعدها، الى موسِمي عادي!

تلك الدقائق الخمس احتبست الناس في سياراتهم خمس ساعات. أي الدقيقة بساعة فقط لا غير!.

أولم يعدنا وزير الأشغال السابق بأن الوضع صار على «آخر ألاظة» بعد الشتوة الأولى؟ فإذاً، لماذا حصل المشهد الذي عشناه أمس؟

ثم، مَن سيعوّض الناس ما تكبدوه مادياً ومعنوياً وبيئياً اذ كانت السيارات تنفث سموم عوادمها وهي واقفة ساعاتٍ؟!.

إننا نود أن نطالب فخامة الرئيس العماد جوزاف عون ودولة رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام أن يثيرا هذا الموضوع، اليوم، في جلسة مجلس الوزراء، كي لا تبقى الأمور «داشرة».

إن للناس حقاً في ألّا يتم أسرهم في سياراتهم، تحت المطر، لأن ثمة تقصيراً فادحاً وفاضحاً من قبل جهةٍ ما ، مسؤولة بالضرورة، وهذا ما لا يجوز التغاضي عنه.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.