دعوى غريبة عجيبة أقامتها القاضية هيلانة اسكندر
كتب عوني الكعكي:
قرأت ما تطالب به رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل أمام المحكمة المالية، الرئيسة هيلانة اسكندر… استغربت أن يصدر هكذا قرار… فماذا تطالب الرئيسة: تقول في الدعوى التي تقدمت بها بتاريخ 2025/1/14 أمام المحكمة المالية ضد أعضاء المجلس المركزي لمصرف لبنان السابقين والحاليين بمن فيهم حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، والحالي بالإنابة وسيم منصوري، لمسؤوليتهم عن الأخطاء القانونية الجسيمة المرتكبة، على خلفية موافقتهم على إصدار تعاميم تناقض قانون النقد والتسليف الذين حلفوا يمين الإلتزام بمضمونه أمام رئاسة الجمهورية.
تحمّل الرئيسة المسؤولية للمدعى عليهم لأخطائهم الفادحة خلافاً للأحكام القانونية، وتحمّلهم التعويض المادي والمعنوي بقيمة 140 مليار دولار بالإضافة الى العطل والضرر.
أكتفي بهذا القدر من الدعوى لنطرح بعض الأسئلة علّنا نستفيد:
أولاً: أزمة الاستدانة من قِبَل الدولة اللبنانية من البنك المركزي عمرها على الأقل 50 سنة، فالسؤال الأول: لماذا استفاقت القاضية هيلانة اليوم؟
ثانياً: بدون أي خلفية سياسية، منذ كم سنة والقاضية هيلانة تتبوّأ هذا المركز؟
ثالثاً: لأول مرة في حياتي أقرأ دعوى عجيبة غريبة، الظالم فيها يريد أن يحاسب المظلوم.
بمعنى أوضح أن الدولة اللبنانية كانت تستدين من البنك المركزي ضمن آلية توجيه كتاب من مجلس الوزراء، حيث يطلب وزير المال أن يستدين من البنك المركزي على سبيل المثال «100 مليون دولار»، والوزير بدوره يحيل الكتاب بعد مهره بتوقيع الموافقة على الطلب الى البنك المركزي ليستدين المبلغ المذكور. وهكذا يقوم البنك المركزي بإصدار سندات الخزينة يبيعها في السوق، حيث تشتريها البنوك، وذلك لأنّ الفوائد على السندات مرتفعة، وزبائن البنوك يريدون أيضاً فوائد مرتفعة على ودائعهم.
بمعنى آخر أن العملية تتم برضى الدولة التي تطلب، والبنك المركزي الذي يعمل لتلبية حاجات الدولة، وصاحب الوديعة أيضاً لأنه موافق على الحصول على الفوائد المرتفعة.
خلاصة الموضوع: إنّ الأطراف الثلاثة موافقون على العملية.
ولكن بالنسبة للمسؤوليات، وصراحة ومن دون لفّ ودوران وبطريقة مبسّطة، أن هناك شخصاً معنوياً اسمه الدولة استدان من «شخص» اسمه البنك المركزي وهذا الشخص تصرّف بأموال مودعة عنده.. فهنا السؤال: أين تقع المسؤولية؟
المسؤولية الأولى والكبرى، أي 90 %، تقع على الدولة التي عليها أن تعيد الأموال التي استدانتها… وهذا أضعف الإيمان. كذلك على الدولة مسؤولية ثانية، إذ هي تعلم أن الأموال التي تستدينها هي ودائع الناس في البنوك…
وبما أنه من حيث المبدأ والأصول والحقوق أن تكون الدولة حريصة على شعبها وعلى مصالحه وعلى أمواله، الذي حصل أن هناك مصيبة يعاني منها الشعب اللبناني الأمرّين بسبب عدم التمكّن من الحصول على أمواله في البنك. بينما الدولة تقف متفرّجة منذ وقوع الأزمة ومنذ خمس سنوات من دون أن تتخذ أي قرار.
بالمقابل، فإنّ الدولة اللبنانية ليست مفلسة أو فقيرة، بل على العكس، هناك الكثير من التدابير والأملاك والرخص التي تستطيع أن تتصرّف الدولة بها، لو كان هناك رجالات في الدولة يريدون أن يتحمّلوا المسؤولية، وبما أني أتحدّث عن الحلول لا بدّ لي من إعطاء هذا المثل وهو:
اللبناني كارلوس غصن تسلم شركة نيسان للسيارات اليابانية وكانت ترزح تحت دين 30 مليار دولار، استطاع خلال 3 سنوات أن يسدّد الدين، وبعد أن ترك الشركة بعد سنتين أو ثلاث سنوات تبيّـن أنه كان يوجد في صندوق شركة نيسان 30 مليار دولار.
على كل حال، لم أفاجأ بقرار القاضية هيلانة اسكندر، خصوصاً أن تاريخها السياسي معروف، فهي تنتمي الى جماعة «التيار الوطني الحر»، والجميع يتذكر أنه في عهد التهديم والتخريب حصلت أمور لم تكن طبيعية ولا منطقية، ويكفي أن نتذكر ماذا فعلت القاضية غادة عون، وكيف ذهبت الى فرنسا، ونتذكر صوَرَها مع عمر حرفوش، ومنظرها ومعها حداد لكسر بوابة مبنى شركة مشنتف للدخول الى المكاتب ومصادرة الكومبيوتر، والمصيبة أنها لغاية اليوم لم تحصل على معلومة واحدة ترضي تصرفها.
أخيراً أيضاً، نتذكر في بداية عهد التهديم والتخريب، كيف أمضى رئيس المجلس الأعلى للقضاء والمدعي العام ورئيس التفتيش لمدة 3 أشهر من أجل إصدار تعيينات كانت الوزيرة ماري كلود نجم تنتظرها على أحرّ من الجمر، وفجأة توقف كل شيء، لأنّ الصهر يريد أن تحتفظ القاضية عون بمركزها في جبل لبنان لتلبّي طموحاته وانتقاماته من كل مسؤول لا يتبع له.
aounikaaki@elshark.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.