خطر المنافقين أشدّ من خطر الصهيونيين

88

المحامي د. أسامة العرب

لقد أظهرت عملية طوفان الأقصى المنافقين على حقيقتهم وكشفت زَيف أقنعتهم، فعندما تسمع في الآونة الأخيرة عددًا لا يعدّ على الأصابع من الغزاويين المأجورين يمجّدون قدرات الجيش الإسرائيلي ويسخّفون من قوّة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، لا بل ينتقدون قناة الجزيرة والمعلّق اللواء فايز الدويري ويصفونهم بأبشع الألقاب؛ عندها سوف تدرك على الفور أن شياطين الإنس لا يكترثون بأوطانهم ولا يحبّون سوى منافعهم الشخصية ويطمعون بما عند العدوّ، ولو على خراب حياة المستضعفين من أبناء أمتهم وذلّهم وهوانهم.

إن المنافق بكل تأكيد تكشفه المحن والشدائد، فهو خبيث في نواياه ولا يتحرّك بين الناس إلا بالرياء والأنانية والشخصانية، لا يؤمن بوجود أمة ولا بنصرة مستضعف، لأن قلبه مليء بالكره والحسد من كل شريك له في الوطن، يحقّق إنجازات وانتصارات يغار منها، لا بل تراه يلمز ويغمز إذا ما تحدث، كثير النميمة، عديم الأخلاق، فاقد للكرامة، ويرتدي أقنعة كثيرة.

وعجبًا، كيف أن البعض يريد أن يحمّل من دفع أثمانًا باهظة دفاعًا عن وطنه، ومن ضحّى بنفسه وأولاده وأمواله، تبعات حرب قاسية من شأنه إذا ما انتصر فيها أن يحرّر أبناء أمته من العبودية والذل والهوان. إن الشهامة والكرامة والمروءة والنخوة تُلزم كُل منا فضح هؤلاء، والتعبير عما تُكنّه ضمائرهم وسرائرهم العليلة من أمراض نفسية، لأن الغدر والخيانة قد بلغت مداها الأقصى، ولم يعد بالإمكان تحمّلها.

لن يستطيع أي إنسان صاحب ضمير حيّ أن يسكت عن هؤلاء المجرمين، الذين يفضلون الصهاينة اليهود الذين يبيدون شعبهم إبادة جماعية، على إخوانهم في الدين والوطن، في الوقت الذي أدان فيه العالم أجمع إجرام الصهاينة وجرائم حروبهم، التي هي ضد الإنسانية، وسعى ويسعى لملاحقتهم ومحاكمتهم أمام المحاكم الدولية المختلفة.

إن هؤلاء الحثالة، شأنهم شأن الجنود الصهاينة، بلا قيم ولا أخلاق، لأنهم يخونون المواثيق وينتهكون الحرمات ولا يكترثون لدماء الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء.

للأسف الشديد، لا يتخلفون فحسب عن القتال والمعارك، ولا يكرهون فقط أن يبذلوا في سبيل وطنهم أرواحهم وأموالهم، وإنما لا يحبون أن يروا أبناء أمتهم ينتصرون على العدو، ويترقبون كل لحظة انكسار لهم، ويستحقرون إنجازاتهم، ولا يسعون إلا لإبعاد الشرفاء عن الطريق الصحيح الذي يرضاه الله عزّ وجلّ، ولِبثّ الفُرْقَة والنزاع في صفوفهم، إلى جانب إثارتهم للشائعات وإذاعة وترديد أخبار العدو الصهيوني، ولذلك هم أهل غدر وخيانة.

والحقيقة، أن القذارة عند البعض قد بلغت أشدّها، حيث إن عددًا من المنافقين يتعاونون مع العدو، ويرشدونه إلى مواقع الأسرى، ظنًا منهم أن العزّة وحفظ المكتسبات هو مع التصهين، وأن المال والجنسية الأجنبية الموعودون بها هي الجنة على الأرض.

من علاماتهم، أنهم يقتاتون على الفتات، ويقدسّون العدو لأنه الأقوى حَسَبَ ظنهم، وليحفظوا أنفسهم الدنيئة من القتل، وممتلكاتهم البخسة من الضياع.

اتقوا الله أيها المجرمون، وتوقفوا عن إثارة النعرات على وسائل التواصل الاجتماعي، فمجرد أن تبثوا سمومكم في الإعلام والخوف في صفوف المستضعفين والمألومين، فإنكم تقدمون خدمات جليلة للعدو الصهيوني، وتفرحون قلوب جنوده الإرهابيين، عوضًا عن إغاظتهم بثباتكم ورباطة جأشكم وصبركم على المحن.

وبعد كل ذلك، إن الحلّ هو باتقاء الله والصدق معه ومع أنفسكم، والتوقف عن بث الوهن وقتل العزائم في نفوس الإخوة الفلسطينيين والتوقف عن التذمر والسخط على القدر، والعودة إلى الطريق المستقيم، وإلى مؤازرة المؤمنين الصادقين الصالحين، وانتظار الفرج وتأمل النصر من الله عزّ وجلّ، والثبات عند المحن وعدم الاعتراض على حكمه، جلّ وعلا.

ختامًا، إن الله تبارك وتعالى سيُحقّ الحقّ ويبطل الباطل ولو كره المجرمون، وسيندحر جيش العدو من قطاع غزة وستتحرر الأسرى الفلسطينيين وسيُعاد إعمار غزة في القريب العاجل بإذن الله، لقوله جلّ وعلا في محكم تنزيله:» إن الله يدافع عن الذين آمنوا، إن الله لا يحبّ كل خوان كفور، أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، وإن الله على نصرهم لقدير…ولينصرن الله من ينصُرُه، إن الله لقويّ عزيز» (سورة الحج: الآية 38-40).

المحامي أسامة العرب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.