خطاب القسم للرئيس جوزيف عون: وعد بالتغيير وبداية لمرحلة جديدة

0

المحامي أسامة العرب
يحمل خطاب القسم الذي ألقاه رئيس الجمهورية اللبنانية الجديد، العماد جوزيف عون، رؤية وطنية شاملة ترسم ملامح عهد جديد يعيد الأمل للبنانيين. في زمن تتزايد فيه التحديات الداخلية والخارجية، جاء هذا الخطاب ليؤكّد على مبادئ أساسية طالما انتظرها الشعب اللبناني، ولتدشين مرحلة عنوانها التغيير والالتزام بالثوابت الوطنية.
حياد إيجابي وتأكيد على السيادة
أحد أبرز ما ميّز خطاب الرئيس عون هو تأكيده على التزام لبنان بمبدأ الحياد الإيجابي، خطوة تمثل تحوّلاً مهمّاً عن خطاب العهود السابقة، حيث شدّد على ضرورة الابتعاد عن سياسة المحاور الإقليمية والدولية بما يضمن للبنان الاستقرار والسيادة. كما أعلن عزمه على تعزيز دور الدولة في احتكار السلاح، خطوة جريئة تأتي في سياق تحقيق هيبة الدولة وتوحيد القرار الوطني.
استقلالية القضاء ومكافحة الفساد
وضع الرئيس عون مكافحة الفساد في صلب برنامجه، مشدّداً على أنه لن تكون هناك حصانة لأي مجرم أو فاسد. كما كان تعهده بالتعاون مع الحكومة لإقرار قانون استقلالية القضاء، ورفضه لأي قانون يخالف الدستور، يعكسان التزاماً حقيقياً ببناء دولة القانون والمؤسسات، بعيداً عن التدخلات السياسية.
تفعيل المؤسسات وضبط الأمن
التزام الرئيس بتفعيل عمل القوى الأمنية واستثمار الموارد في الجيش لضبط الحدود ومكافحة الإرهاب، يعكس إصراراً على استعادة ثقة اللبنانيين بمؤسساتهم العسكرية والأمنية. كما جاء حديثه عن وضع استراتيجية دفاعية شاملة كخطوة نحو تأكيد سيادة لبنان وحماية أراضيه من أي اعتداءات إسرائيلية.
موقف حازم من القضايا الوطنية والإقليمية
في قضايا الوطن الكبرى، أكّد عون رفضه لتوطين الفلسطينيين، مجدّداً التزامه بحقوق الشعب الفلسطيني. كما دعا إلى فتح حوار جدّي مع سوريا لحل الملفات العالقة، خاصة تلك المتعلقة بالنازحين والمفقودين، وهي ملفات طالما أثقلت كاهل لبنان.
رؤية اقتصادية وتنموية
اقتصادياً، عبّر الرئيس عن عزمه على تحويل لبنان إلى مركز إنتاجي وسياحي، داعياً إلى تعزيز العلاقات الخارجية عبر استثمار موارد لبنان وتصدير أفضل منتجاته، وهذه الرؤية تعكس طموحاً واضحاً لإعادة النهوض بالاقتصاد اللبناني على أسس سليمة.
رسالة أمل وتماسك وطني
اختتم عون خطابه برسالة وطنية جامعة، أكّد فيها أن اللبنانيين قادرون على مواجهة الصعاب إذا ما توحّدوا حول مشروع بناء الدولة. وكانت عبارته: “مهما اختلفنا، فإننا عند الشِّدّة نحضن بعضنا البعض”، جسّدت روح التضامن التي يحتاجها اللبنانيون في هذه المرحلة المصيرية.
عهد يحمل الأمل
إنّ خطاب القسم للرئيس جوزيف عون ليس مجرد إعلان نوايا، بل هو خارطة طريق تعكس إرادة حقيقية لتغيير مسار لبنان نحو الأفضل. كما أن التزامه بالثوابت الوطنية وإصلاح المؤسسات وتحقيق العدالة، يجعل من هذا العهد فرصة تاريخية لإعادة بناء الوطن على أسس السيادة والكرامة.
وعليه، اليوم تتجه الأنظار بعد فوز قائد الجيش اللبناني جوزيف عون بمنصب رئيس الجمهورية، وتأديته اليمين الدستورية، إلى المحطة الأولى التي انطلق منها في قصر بعبدا، إذ أنه دعى الكتل والنواب إلى استشارات نيابية ملزمة من أجل تسمية إحدى الشخصيات السنّية لتشكيل الحكومة ومن ثم وضع مسودّة والاتفاق عليها. وهذه الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة تأتي عملاً بأحكام الفقرة الثانية من المادة 53 التي تنصّ على تكليف شخصية (سنية) لتشكيل الحكومة وبعدما يُصار إلى وضع مسودّة لهذه الحكومة من قبل الشخصيّة المكلّفة يعرضها على رئيس الجمهورية الذي له حق قبولها أو رفضها أو طلب التعديلات عليها.
وعقب الاستقرار على التشكيل الحكومي يوقّع رئيس الجمهورية على مرسوم مع رئيس الحكومة، ومن ثم يتم إصدار بيان وزاري ونيل الثقة لتنطلق العجلة نحو التعيينات في المراكز التي تحتاج إليها البلاد ضمن الإدارات الرسمية، تمهيداً لإطلاق يد الدولة والحكومة لإنقاذ لبنان من الأزمات التي مرَّ بها على مدار السنوات الماضية على المستويات السياسية والاقتصادية، وصولاً إلى الإصلاحات المطلوبة عربياً ودولياً.
وبالتالي، تتّسم بداية عهد الرئيس اللبناني جوزيف عون بالانفتاح على الداخل والخارج، حيث أعلن، أن المملكة العربية السّعودية ستكون أول وجهة خارجية له تلبيةً لدعوة وجهها له الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي. أما داخلياً، فقد شدّد عون على أنه لم يأتِ ليعمل في السياسة بل لبناء دولة تقوم على العدالة والمساواة، معرباً عن أمله بأن يتم تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن لنبدأ بناء جسور الثقة مع الخارج؛ وقال: لدينا فرص كبيرة خصوصاً أن دول العالم بدأت الكلام عن مؤتمرات لصالح لبنان، وتابع: علينا أن نستعين بمساعدة الخارج لا أن نستقوي به على الداخل، فلا فضل لطائفة على أخرى أو شخصٍ على آخر.
وختاماً، مع فوز العماد جوزيف عون برئاسة الجمهورية، والتوجه نحو تشكيل حكومة جديدة، سيكون هنالك دفعة قوية نحو إنجاز تعيينات من مناصب أساسية شاغرة في الدولة. أما في ما يتعلق في طرح الأسماء لهذه المراكز فهي تحتاج إلى توافق داخل الحكومة خصوصاً أنها مواقع تخضع إلى معايير مرتبطة بالتوزيع الطائفي والمذهبي.
المحامي أسامة العرب

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.