خطاب القسم: تنفيذ القرارات الدولية
كتب عوني الكعكي:
عندما نتحدث عن القرارات الدولية فإننا وللأسف لا ننفذ من القرارات الدولية إلاّ ما يعجبنا، ونتذرّع دائماً بأنّ العدو الإسرائيلي لا ينفذ هذه القرارات.
صحيح أن إسرائيل لم تنفذ ولا في يوم من الأيام أي قرار دولي، ولكن علينا أن نهتم بمصالحنا لا بمصالح غيرنا..
لذلك، عندما انسحبت إسرائيل عام 2000 من جنوب لبنان وأبقت على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تذرّعت يومذاك بأنها بحاجة الى اعتراف من سوريا.. يفيد بأنّ هذه المزارع هي لبنانية. ولكن بما أن سوريا تريد إبقاء سلاح حزب الله، بالإضافة الى أنها لا تريد أن يكون الجيش اللبناني في الجنوب. وهذه حجة إضافية ليبقى سلاح «الحزب»، وهكذا تستطيع سوريا أن تهدّد إسرائيل من الجبهة اللبنانية، أي من جنوب لبنان، وتحافظ على جبهة الجولان هادئة. هذه هي الحقيقة التي لا يريد «الحزب» الاعتراف بها.. وهذه الحجة التي مكنته من الحفاظ على سلاحه منذ عام 2000.
بالعودة للقرارات الدولية، نعود الى القرار 425 الذي صدر عام 1978 حين احتلت إسرائيل كما نعلم قسماً كبيراً من جنوب لبنان، وعيّنت الجنرال سعد حداد حاكماً عسكرياً، واستمرت هذه الحالة حتى عام 1982 يوم اجتاحت إسرائيل لبنان ووصلت الى بيروت التي حاصرتها لمدة 100 يوم، ودخلت بعد اتفاق بخروج منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات (أبو عمار) الذين ذهبوا بحراً الى اليونان ومنها الى تونس.
ثم يأتي القرار 1559. فإذا كان القرار 425/1978 أهم قرار صدر بشأن الصراع اللبناني – الإسرائيلي، فإنّ القرار 1559 هو أهم قرار أصدره مجلس الامن في الشأن الداخلي اللبناني.
لقد جاء هذا القرار في أيلول (سبتمبر) 2004 باقتراح تقدمت به فرنسا والولايات المتحدة على خلفية ازدياد الاعتراضات في لبنان على تمديد ولاية الرئيس إميل لحود لفترة أخرى، واتهمت سوريا بالتدخل للتمديد، وتعرضت دمشق لضغوط دولية وتهديد بفرض عقوبات في حال رفضها الانسحاب، ووجهت أصابع الاتهام الى سوريا باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، فاضطر بشار الأسد أمام هذه الضغوط الى الإلتزام بتطبيق هذا القرار في آذار (مارس) 2005. وظلت الضغوط قائمة لنزع سلاح حزب الله، لكن الحزب رفض نزع سلاحه حتى تحرير مزارع شبعا.
وأظهر الإصرار الدولي على تطبيق القرار باعتماد مجلس الامن في 17 أيار (مايو) 2006 القرار 1680 الذي يدعم القرار 1559، ويطالب سوريا بترسيم الحدود مع لبنان وإقامة علاقات ديبلوماسية كاملة معها.
القرار 1701
أما القرار 1701، الذي تبناه مجلس الأمن الدولي في 12 آب (أغسطس) عام 2006 بالإجماع، فإنه دعا الى وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان، وطالب حزب الله بالوقف الفوري لكل هجماته، كما طالب إسرائيل بوقف فوري لكل عملياتها العسكرية الهجومية وسحب كل قواتها من جنوب لبنان، كما دعا الحكومة اللبنانية الى نشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) وذلك بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي الى ما وراء الخط الأزرق، تضمن القرار عدة بنود ومطالب أهمها:
– إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة عدا تلك التابعة للجيش اللبناني وقواه الأمنية وقوات اليونيفيل.
– التطبيق الكامل لبنود «اتفاق الطائف» والقرارين 1559 و1680 بما فيها تجريد كل الجماعات اللبنانية المسلحة من سلاحها، وعدم وجود قوات أجنبية إلا بموافقة الحكومة اللبنانية.
– منع بيع وتوفير الأسلحة والمعدات العسكرية الى لبنان إلاّ تلك التي تسمح بها الحكومة.
– تسليم إسرائيل الأمم المتحدة خرائط حقول الألغام.
إنّ تعهد الرئيس اللبناني الجديد جوزاف عون بتنفيذ القرارات الدولية بكل مندرجاتها، يعيد الى الدولة هيبتها وسلطتها وقرارها، وتنفرد باتخاذ قرار السلم والحرب وحدها، لا ينازعها في هذا القرار أحد.
إنّ قول العماد جوزاف عون في خطاب القسم هذا حوّل حصرية السلاح بيد الدولة وتنفيذ القرارات الدولية يصلح أن يكون البيان الوزاري للحكومة التي يجب أن تتشكل بعد الاستشارات النيابية الملزمة التي بدأت اليوم.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.