خسارة راتب الشلاح
بقلم مروان اسكندر
منذ أسبوعين، توفي رجل الاقتصاد والأعمال راتب الشلاح من دون أن أستطيع حضور مراسم وداعه، لأني عانيت من كسر في عضم رجلي اليمنى.
راتب الشلاح كان بالفعل مميزاً في أحلامه حول التحوّلات الاقتصادية، كما كان مؤمناً بضرورة التعاون العربي الذي يؤدي الى تحقيق معدلات نمو واعدة، وهو عاصر تطورات سوريا الاقتصادية والادارة العملية لشؤون الرأي العام، وحينما عرض عليه من الرئاسة القيام بدور رئيس مجلس الوزراء اعتذر أكثر من مرة، لأنه كان يدرك ان تطور سوريا ولبنان يرتهن باستصدار قوانين تشجع على العمل، وبذل الجهد الحكيم والمتمنع عن احتكار السلطة الحكومية، خصوصاً في ما يخص مستويات الدخل القومي وتوزيع الدخل. وبالتالي كان يوسع جهوده لتشمل سوريا ولبنان وليس فقط احد البلدين المتمتعين بمقدار من ممارسة اعمال التجارة الحرة وتطوّر المشاريع الاعمارية المعتمدة على دراسات موسعة.
لقد كنت من فريق يحاولون الاجتماع على الغداء والتباحث بشؤون أوضاع البلاد الاقتصادية، وكان هو وأشقائه ممن اختاروا أيضاً ممارسة عمل تطبيع الانتاج الزراعي من اجل تصديره الى بلدان مختلفة. يتمتع آل الشلاح بسمعة ممتازة في ممارسة أعمالهم والتقيّد بالقوانين السارية مع محاولة تطوير قوانين تشجع على الاستثمار من جهة، والتكامل مع البلدان المحيطة من جهة أخرى، وبالطبع كان نصيب لبنان ملحوظاً من استثمارات أهل الشلاح، وبسبب اشتراكي في تجمعات غداء رجال الأعمال الملحوظين مثل راتب الشلاح والدكتور نعمان الازهري، وصاحب الخبرة الاكيدة في تطورات اسباب الدين سندات الدين، وقيم اسهم الشركات الاساسية، وأكرم زكور الذي تولج نيابة رئاسة شركة Merihl Lyneh العالمية، وكان هنالك صداقة بين الرجلين انعكست على تفكيرنا الاقتصادي الى حد بعيد، وقد نوع هذا التوجه المرحوم جورج منسى الذي ترأس بنك مستحدث ومن ثم تولج منصب المدير العالم لبنك عوده خلال توزير ريمون عوده.
إنّ جميع المشاركين في اجتماعات مهنيين مميزين على الغداء، كانوا يعتبرون ان موقع المطعم ليس هو المتسبب في منافع الاجتماع وتداول الآراء، وربما مفيد ذكر بعض من شاركونا بصورة مستمرة مثل راتب الشلاح، وريمون عوده، ويضاف لهؤلاء رجل الاعمال صاحب إنجاز باختراق أسواق الخليج من مكتب أسسه في لبنان، وهذا العمل وبسبب قناعته بكفاءات اللبنانيين شاء رجل الاعمال على نطاق إقليمي السيد خالد العصيمي الذي كان من أوائل رجال الاعمال من اقتنع بتطوير عقاري ملفت بجماله ومواصفاته وهو بناء الجفينور الذي انجز على ارض كانت مخصصة لاستعمال السفارة الاميركية.
وبين المبدعين على مستوى إقليمي كان مميزاً علي غندور الذي هو من اسهم في تأسيس وتنفيذ شركة “عاليا” للطيران الاردني، ومن ثم وبعد تأسيسه لمنافع قيام شركة بتوزيع مطبوعات ذات تواريخ محددة، فكما له شركة يدير أعمالها اليوم ابنه وهي تنافس شركة Emerican Express وشركته هذه اليوم التي يديرها ابنه تنافس الشركات الدولية، كما كان له دور حيوي في رعاية تطور الجامعة الاميركية في بيروت كعضو في مجلس أمناء الجامعة في نيويورك، كما هو ساهم في إطلاق برج جريدة “النهار” وسط بيروت، وأخيراً كان بيننا جورج عسيلي الذي ترأس جمعية الصناعيين لسنوات، وأسس مع زوجته مركزاً لجميع الفنون التفضيلية على مسافة 20 كيلومتراً على الطريق باتجاه عاليه. ولا ننسى دور ياسر إدلبي الذي كان من أوائل خريجي جامعة اكسفورد في علوم القانون، ومارس دور المشورة لحاكم سلطنة عُمان على مدى عشرات السنوات، أضافة الى اختياره قضاء سنواته الاخيرة في مناخ لبنان الطبيعي والفكري.
وبالتالي، هذا العزاء المتأخر أفسح الحديث عن زملاء لراتب الشلاح كانوا يقدّرون مشاركاته في الغداءات وتدارس الأفكار.
مروان اسكندر