حديث رمضان _ رسالة إلى أحفادي الأحباء في شهر رمضان

11

يسرى صيداني بلعه
أحبائي الصغار، أنتم البهجة التي تملأ قلبي، والابتسامة التي تجعل أيامي أكثر إشراقًا. كل واحد منكم، مهما كان صغيرًا، هو جزء من روحي، وكل لحظة أقضيها معكم هي نعمة أحمد الله عليها. واليوم، أريد أن أكتب لكم رسالة من القلب، رسالة تحمل بعضًا مما تعلمته في حياتي، وأتمنى أن تبقى معكم كلما كبرتم.
نحن الآن في شهر رمضان، الشهر الذي يحمل معه الخير والرحمة والبركة. ربما لا تفهمون بعد كل معانيه، لكني أريد أن أخبركم أن رمضان ليس فقط عن الصيام، بل هو عن القلب، عن الحب، عن العطاء، وعن أن نكون أشخاصًا أفضل. إنه الشهر الذي يذكرنا بأننا لسنا وحدنا في هذا العالم، وأن هناك دائمًا من يحتاج إلى يد تمتد إليه، أو كلمة طيبة تواسيه، أو ابتسامة تمنحه الأمل.
رحلتي في العطاء والحب لمدينتي
عندما كنت في مثل أعماركم، كنت أرى الكبار يعملون من أجل مجتمعهم، وأتساءل: لماذا يفعلون ذلك؟ لماذا يهتمون بهذه الشوارع، وهذه المباني، وهؤلاء الناس؟ وعندما كبرت، عرفت أن حب الإنسان لوطنه ومدينته يشبه حب الأم لبيتها. نحن لا نعيش فقط لأنفسنا، بل نعيش لنترك أثرا لنحاول أن نجعل المكان الذي ننتمي إليه أجمل ولو بلمسة صغيرة.
خلال سنواتي، بذلت الكثير من وقتي وجهدي، وشاركت في أعمال لم تكن دائمًا سهلة، لكنني كنت أعمل وفي قلبي أمل أن أرى مدينتنا أجمل، أكثر أمانًا، وأكثر دفئًا لكم ولأطفال غيركم. كنت أفكر: كيف أستطيع أن أترك لكم مدينة تفخرون بها؟ كيف أضمن أنكم عندما تكبرون، ستجدون مكانًا يستحق أحلامكم؟
أعلم أنكم صغار الآن، لكني أريدكم أن تفكروا دائمًا في هذا السؤال: كيف يمكنني أن أكون شخصًا يصنع فرقًا، حتى ولو كان صغيرًا؟ كيف يمكنني أن أكون سببًا في سعادة شخص آخر، أو في تحسين شيء من حولي؟
مدينتكم تحتاج إليكم
مدينتكم تحتاج إليكم ربما تظنون أنكم ما زلتم صغارًا، وأنه لا يمكنكم فعل شيء مهم، لكن هذا غير صحيح. مدينتكم تحتاج إليكم ليس فقط عندما تكبرون، بل منذ الآن. عندما تحافظون على نظافة الشارع، عندما تساعدون جيرانكم، عندما تكونون طيبين مع أصدقائكم، أنتم تبنون مجتمعًا أجمل.
لا تنتظروا أن تصبحوا في منصب أو وظيفة لتصنعوا فرقًا، فكل لفتة صغيرة، كل كلمة طيبة، كل تصرف جميل، هو جزء من بناء مدينتكم.
رمضان.. شهر الحب والعطاء
رمضان يعلمنا أن الخير لا يحتاج إلى سبب، ولا إلى مقابل. عندما تتشاركون طعامكم مع الآخرين، عندما تتبرعون ولو بشيء بسيط لشخص يحتاجه، عندما تقولون كلمة جميلة لشخص حزين، فأنتم تعيشون روح رمضان الحقيقية.
لكنني لا أريد أن يكون رمضان هو الشهر الوحيد الذي نتذكر فيه العطاء. أريدكم أن تحملوا هذا الحب والعطاء في قلوبكم طوال العام. لا تنتظروا رمضان لتكونوا لطفاء، ولا تنتظروا مناسبة لتفعلوا الخير. اجعلوا العطاء . أسلوب حياة، لأن الخير يعود لصاحبه دائمًا، ويجعلكم أكثر سعادة وراحة.
ما بعد رمضان.. استمروا في الخير
بعد أن ينتهي رمضان، سيعود الجميع إلى حياته العادية، لكن الأشخاص الذين يفهمون معنى رمضان الحقيقي، سيستمرون في الخير حتى بعد انتهائه. لا تجعلوا الخير عادة مؤقتة، بل اجعلوه جزءًا من شخصيتكم.
تذكروا دائمًا أنكم القوة التي تدفعني للاستمرار، أنتم النور الذي يجعلني أؤمن بالمستقبل، وأنتم السبب الذي يجعلني أبذل جهدي لأجل هذه المدينة. عندما تكبرون، أريدكم أن تنظروا حولكم وتسألوا أنفسكم: ماذا يمكنني أن أفعل لأجعل هذا المكان أفضل؟ ليس لأجلي فقط، ولكن لكل من سيأتي بعدي.
أنا فخورة بكم، وأعلم أنكم ستكبرون لتكونوا أشخاصًا رائعين، يحملون في قلوبهم الخير، وفي عقولهم الحلم، وفي أيديهم القدرة على التغيير. وإذا مرّت الأيام وقرأتم هذه الرسالة بعد سنوات، فتذكروا أن هناك جدة أحبتكم بكل قلبها، وعملت لتصبح لكم مدينة تستحقكم.
رمضان مبارك عليكم، أحبائي، وأتمنى أن تبقوا دائمًا نورًا يضيء هذه الدنيا، كما تضيئون قلبي كل يوم.
جدتكم المحبة.
يسرى صيداني بلعه

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.