حديث رمضان – وداعاً رمضان – أهلاً بالعيد

61

بقلم المهندس بسام برغوت

ومضى الشهر الفضيل مسرعًا يودعنا تاركًا في القلب غصة الفراق، وفرحة الفطر، شهر جاءنا في ظل جائحة اقتصادية مرعبة أرهقت المجتمع اللبناني كله.

في الايام الاخيرة من هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان، لابد للمسلم المؤمن ان يتساءل:

لماذا اختار الله سبحانه وتعالى هذا الشهر لينزل فيه “القرآن الكريم“ ليكون هدى للناس جميعاً؟

ولماذا اختاره لاحتضان “ليلة القدر”  التي هي خير من الف شهر كما وصفها القرآن الكريم؟

ولماذا اختاره رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام لالقاء” خطبة الودا “؟

ولماذا؟ ولماذا.. حول الكثير الكثير من فضائل رمضان وميزاته ورحمات الله فيه.

لم يكتب الله سبحانه وتعالى الصيام على المسلمين فقط، كتب كما جاء في محكم اياته البينات على «الذين من قبلكم»، وقبلكم، اي قبل المسلمين هناك اقوام لا تُعد ولا تُحصى منذ آدم عليه السلام، وهناك آداباً وسلوكيات مختلفة للصيام تلتزم بها شعوب مختلفة في مشارق الارض ومغاربها.

من هنا فإن شهر رمضان المبارك ليس مجرد زائد واحد الى اشهر العام، “انه شهر الله المختار“، وما يختاره الله ويفضله يشكل للانسان مدخلاً الى كل ما فيه خير وعلم وحكمة وايمان، ولذلك فإن صوم رمضان والالتزام بكل ادبياته العبادية، ينقل الانسان من مرحلة الى مرحلة اخرى، فما بعد رمضان ليس كما قبله… هذا اذا ما التزم المسلم المؤمن باداء العبادات صوماً وصلاة وزكاة وصدقة على النحو الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى ليكون خيراً لنا.. وليكون خيراً للناس جميعاً. 

ورغم ذلك ففي لياليه الاخيرة سيكون شعارنا «أحسنوا وداع شهركم» وضاعفوا الإجتهاد فيه، أكثروا من الذكر… أكثروا من تلاوة القرآن… أكثروا من الصلاة، أكثروا من الصدقات، أكثروا من صالح الأعمال… ففي صحيح مسلم أن رسول الله كان يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيرها، ارفعوا عنكم التنازع والخصام فإنه سببٌ في منع الخير، استثمروا ما بقي من شهركم… ولا يعلم أحدكم هل سيصوم هذا الشهر في أعوامه القادمة أم سيكون في مكان أخر، ليس له فيه أنيس ولا جليس «إلا عمله الصالح».

إن من مظاهر الإحسان نهاية رمضان الإحسان إلى الفقراء والمساكين، لذا وجب على المسلمين دفع صدقة الفطر قبل صلاة العيد، والتعجيل باخراجها من الآن توسعة للفقير قبل العيد، صدقة يدفعها المسلم غنياً كان أو فقيراً عن نفسه وجميع أفراد أسرته، ومن يعول، في مشهدية تتجلى فيها كل معاني التكافل الاجتماعي والتعاون على الخير بأبهى صورة وأجمل حلة التزاما بأحكام ديتتا الحنيف، وعاداتنا المشرقية التي توارثناها عن آبائنا وأجدادنا.

مرحى بالعيد:

قال عليه الصلاة والسلام «يا أبا بكر إن لكل قوم عيد وهذا يوم عيدنا».

سمي العيد عيدا لما فيه من العوائد الحسنة، وﻷنه يعود عاماً بعد عام، والعيد مرتبط لدينا بالعبادة «عيد الفطر» بعد فريضة الصيام، «وعيد اﻷضحى» بعد فريضة الحج، ﻷن مفتاح الفرح عند المسلم المؤمن مرتبط بالتقرب الى الله.

نحن أمة ثقافة وفن الفرح عندها في أداء فروض الإجلال لله قوﻻ وعملا  «وعجلت اليك رب لترضى» (سورة طه) و «قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون» (سورة يونس).

إن العيد يبرز وسطية اﻻسلام ونهجه المتوازن «وابتغ فيما آتاك الله الدار اﻵخرة وﻻ تنس نصيبك من الدنيا» (سورة القصص).

إن العيد في بعده الاجتماعي يوحد الامة ويجعلها اكثر تماسكا رغم الجراح والآلام في كثير من الاقطار المسلمة.

يومان يفصلاننا عن عيد الفطر السعيد المسمى في السماء «بيوم الجائزة»، والذي نبدأه بالاغتسال، ولبس أحسن الثياب لدينا والتطيب، ثم تناول شيء من الطعام، والمباشرة بالتكبير (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد) مذ خروجنا من بيوتنا حتى وصولنا للمساجد، قال الله تعالى: «ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون» (سورة البقرة).

ثم نؤدي صلاة العيد ونستمع إلى خطبة العيد. ونبادر لتهنئة بعضنا البعض بالعيد، قال جبير بن نفير: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد، يقول بعضهم لبعض: «تقبل الله منا ومنك».

ختاماً،

هنيئا للصائمين والصائمات ببشرى رسول الله لهم:  «للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بصومه، وإذا لقي ربه فرح بصومه».

تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال، وكل عام وانتم بخير.

المهندس بسام برغوت

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.