حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – نكبتهم بالمحتل ونكبتنا بالمحتالين

94

في فضيحة مخابراتية، أخبرت طهران تل أبيب وواشنطن بموعد ساعة الصفر قبل ساعات وساعات… وبتغيّب المفاجأة، حررت إيران العالم من رعب الإنتظار… وانقلب «عقاب» خامنئي لإسرائيل، إلى «تحذير» أقرب إلى «التخدير» من الحرس الثوري.

وهكذا هدأت البشرية… فلا حرب «ترامب» العالمية نشبت… ولا حرب «بايدن» الإقليمية وقعت… ولا الرد الإسرائيلي رد على «صبر إيران الإستراتيجي».

وبذلك تنتهي حكاية إبريق الزيت، وكأن قنصلية الحرس الثوري في دمشق ما دمرت، وكأنك يا قائد فيلق القدس ما غزيت بمئة وخمسين صاروخاً ومئتي وخمسين مسيّرة.

لقد استيقظ الجميع من الكابوس… وعادت المنطقة، وعدنا معها إلى ما كان في غزة، وإلى ما سيكون في رفح.

ترى أين توقف عداد الشهداء؟.

أظنه توقف عند ما هو أكثر من ثلاثين ألف شهيد.

إذاً نعود إلى متابعة العد… ونعود معه جنوباً إلى قواعد الإشتباك والإشتباه… يخرقها حزب الله حيناً، وتخرقها إسرائيل أحياناً… ولا من يعتب، ولا من يلام.

وسيستمر مرور شهور الشرور الإسرائيلية.

وسيدور حل الدولتين في مخيلتنا العربية.

وننسى، إذا صدق بايدن، أن الضفة المقطعة أوصالها بالمستوطنات، وغزة الممسوحة بالأرض، والمختفية من الأرض، تحتاجان إلى مباحثات تبحث عن حلول مستحيلة. وقبل أن نجد لها حلولاً، سنجد ترامب «الأحمق» قد طرد بايدن «الأبله» من البيت الأبيض… فالناخب الأميركي، ومنذ أيام ريغان، الذي أغرق بحرية إيران بالبحر، يفضل الأحمق، ولم يشعر بالخجل إلا عندما جرب بلاهة بايدن، التي لم يحظ بمثلها رئيس أميركي سابق وأسبق.

وبعودة ترامب لا يعود أثر لحل الدولتين، ولا يعود من لقاء بين قيس الأميركي وليلى الإيرانية، تحت طاولة السلطنة العمانية… ولتذهب بلاهة بايدن إلى مزبلة التاريخ الأميركي.

أما وقد أمضينا 75 سنة ونحن نقصّ على أحفادنا قصة النكبة الفلسطينية، فها نحن نتذكر حربنا الأهلية، ونسعى إلى عودتها، رغم مضي 49 سنة على اندلاعها.

قبلها كنّا نحن… وخلالها أصبحنا نحن وهم… وبعدها ننقسم إلى أنا وأنت وهو.

لا أنا يطيق أنت.

ولا أنت تكفّ عن طعن هو.

ولا هو يمتنع عن نصب الأفخاخ لأنا.

تجمعنا الكراهية، ويفرقنا العيش المشترك.

ومع هذا نتداعى إلى الحوار، بنفاق، لا ينفق من دكاكين السياسة والغش الشعبوي.

الحوار يا أصحاب ألسنة الجهات الأربع، يكون بين مختلفين على المصالح، والمتنافسين على اقتسام القطعان المذهبية، والطامحين بجائرة قصر بعبدا والمنقسمين على جينات الرئيس… هل هي عربية أم فارسية؟.

الحوار في وضعنا اللبناني، أصبح مجرد ثرثرة سياسية.

نحن اليوم مجموعة أعداء… وهذا يعني أننا بحاجة إلى مفاوضات لا إلى حوار.

مفاوضات، إذا لم تنته إلى اعتراف، فإلى تطبيع… أو أقله إلى هدنة… فما بين العرب وإسرائيل، يفترض أنه أكثر عداوة مما بين اللبنانيين واللبنانيين.

وأخيراً، وعلى طريقة «التقاطع» على جهاد أزعور، يتقاطع الفلسطينيون واللبنانيون على النكبة… فنكبتهم بالمحتل… ونكبتنا بالمحتالين.

فمن منا يعيش النكبة الأكبر؟.

وليد الحسيني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.