حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – «عزة» التاريخ وحق الجغرافيا

42

لن ننساق إلى «الهبل». فمن كبائر السذاجة، الاقتناع بأن نتنياهو يمدّ بعمر الحروب ما بعد «طوفان الأقصى»، ليبقى أقصى مدة «فاراً من وجه العدالة».

ليكون له ذلك، فذلك يستدعي أن يكون إله إسرائيل وأسطورتها الخالدة.

لو صدقت قناعات السذاجة، فهذا يعني أن الجيش الإسرائيلي، بضباطه وجنوده، يَقتل ويُقتل فقط، من أجل حماية نتنياهو من براثن القانون.

ومن أجله يرتضي المستوطنون هجرة البيوت والمزارع… وترك أولادهم بلا مدارس… فمنطق الهبل يقتضي التضحية بكل شيء، مقابل أن لا يمس نتنياهو ببئس المصير.

ومن أجل عيون «بيبي»، يفضل الإسرائيليون معايشة رعب صواريخ حماس وحزب الله، وبدايات الإنهيار الإقتصادي… على أن يعيش نتنياهو قلق المحاكم.

عندما نعود إلى قراءات واقعية للأحداث، ونبتعد عن تبني التفاهات السياسية وسياسة سخافة التفسيرات، سنجد أن نتنياهو يقتنص حروبه الثلاث (غزة والضفة ولبنان) لإحياء خرافة إسرائيل الكبرى… وإذا لم تكتمل طموحاته بإزالة حماس وزلزلة حزب الله، يكون، على الأقل، قد سجل «نقاطاً» في الجغرافيا، إحتلال أراضٍ هنا، وإخلاء قرى وبلدات هناك.

في حين أننا، ومنذ حرب أكتوبر، وإلى «طوفان الأقصى»، ما زلنا نسجل «نقاطاً» في التاريخ، أي… تباهي… تفاخر… صمود… وأمجاد… وكاسك يا وطن.

لو راجعنا ما سجلناه من «نقاط» في التاريخ، لما وجدنا يوماً فارغاً من وقفة عز وكرامة.

ترى لماذا نعاني من أمية الجغرافيا؟.

سجلاتنا الجغرافية خاوية من أي نقطة لنا، في حين أنها ممتلئة بنقاط علينا.

تركيا أخذت اسكندرون… وتكاد اليوم تهضم أدلب وحلب.

إسرائيل أخذت الجولان… وتتطلع إلى مزيد من الجنوب السوري.

وها هي إسرائيل تستكمل ابتلاع فلسطين واغتصاب بكارة أرضنا المقدسة.

إيران سلخت جزر الإمارات الثلاث… وتستولي نفوذاً على العراق وسوريا ولبنان واليمن.

حتى إسبانيا أخذت سبته ومليله المغربيتين.

لم تتخلَ لعنة الجغرافيا عن السودان، حيث انتزع التنازع الديني جنوبه… ولا ندري إلى يد أي دولة سينتهي به المصير، عندما تنهي الحرب الأهلية مهمتها التقسيمية.

والآن… وقد أوكل أمر تاريخنا وجغرافيتنا إلى السيد حسن نصرالله والمجاهد يحيى السينوار، فماذا يختاران؟.

وقف إطلاق النار… فنسجل وقفة عز في التاريخ؟.

أم نستكمل ما بدأه طوفان الأقصى… فنسجل وقفة حق في الجغرافيا؟.

وليد الحسيني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.