حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – “شبيك لبيك فلسطين بين يديك”
لساعات قليلة رأينا مارد “طوفان الأقصى” يصرخ فينا شبيك لبيك فلسطين بين يديك. وتهيأ لنا أن مياه الطوفان تمتزج بمياه بحيرة طبريا وشاهدنا “بيارات” برتقال يافا ترتوي بمياه الطوفان. ورأينا مصلي المسجد الأقصى يتوضأون بمياه الطوفان أيضاً… لكننا فجأة عدنا إلى الواقعية ورأينا الطوفان تتبخر مياهه والأضواء التي اعتقدناها قد أضاءت طريقنا إلى فلسطين انطفأت وعدنا إلى العمى العربي الذي اقترب قرناً من الظلام.
ماذا فعلتم بغزة؟.
أهل هذا القطاع قدموا آلاف الشهداء والجرحى. ودمرت منازلهم. وارتضوا الجوع والعطش. وناموا بلا غطاء وبلا فراش في الساحات المكشوفة والشوارع المدمرة.
لم يكن هدفهم كشف وحشية إسرائيل وهمجية جيشها. ولا انحياز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ولا تواطؤ مجلس الأمن. ولا عجز الدول العربية، ولا فشل جامعتها… فكل هذه الأمور مكشوفة ومعروفة قبل زمن، ولن يضاف إليها جديد بعد زمن آخر.
لقد دفع هؤلاء أثماناً انسانية وبشرية واقتصادية هائلة بعد أن حشيت آذانهم الوطنية بأجراس العودة والتحرير.
صدقوا حماس عندما كذبت… وعندما أصرت على مواجهة قذائف الموت والدمار بإحصاء أعداد الشهداء والجرحى، وتقديم أجسادهم الممزقة والمدماة للرأي العام في مشاهد تلفزيونية تسوّق لبطولات عبثية لمقاتلي القسام وسرايا القدس.
لقد أجهدوا أنفسهم لاقناعنا بأننا، وبقدر ما تخسر غزة من أطفال ونساء وشيوخ، بقدر ما تكون حماس صامدة ومنتصرة.
قالوا لنا، وبصوت لا يرتعش لهول المآسي، بأنهم لن يساوموا. وشارك الإعلاميون والمحللون والاستراتيجيون بتعميم وهم التحرير الكامل والشامل… وزرعوا فينا، وفي شعبنا الفلسطيني، نشوة الانتصار باستعراض عدد صواريخ القسام وسرايا القدس فوق تل أبيب والمدن المحتلة، من دون أن نرى دمار بيت إسرائيلي واحد أو أشلاء عائلة إسرائيلية واحدة. وكأن صواريخنا العابرة للقبب الحديدية هي صواريخ بشرية تعبر جسور العودة.
كل هذه الأمجاد الإعلامية، كنا سنفتخر بها، لو أنها انتهت الى تحرير مستوطنة صهيونية. وكنا سنعتبر ما دفعناه من شهداء ودمار ثمناً يليق بتحرير شبر من أرض فلسطين.
لكننا نشهد، انطلاقاً من القاهرة، وبضغوط من واشنطن، إسدال الستارة عن المشهد الدموي… بانتظار رفع الستارة عن مشاهد دموية أخرى.
وإذا اعتبرنا ما اعتبرته حماس أن إسرائيل لم تحقق أهدافها بإزالة حماس. فعلى حماس أيضاً أن تعترف بأنها لم تحقق أهدافها في هزيمة إسرائيل.
لقد استشهد من استشهد عبثاً، وإذا ما تذكرناهم ذات نكبة فسنختلف مجدداً على أي من النكبتين كانت الأكبر: نكبة 1948 أم نكبة 2025؟
وليد الحسيني
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.